الانتخابات العراقية خريطة التنافس على صدارة البرلمان السادس
١٦ مشاهدة
يدلي الناخبون غدا الثلاثاء بأصواتهم في الانتخابات العراقية البرلمانية السادسة منذ الغزو الأميركي للبلاد وإسقاط نظام صدام حسين عام 2003 وتعود القوى السياسية إلى ساحة المنافسة وهي محملة بإرث ثقيل من التحالفات المتقلبة والتجارب الحكومية المثيرة للجدل وقبل فتح صناديق الاقتراع تتبلور خريطة تنافس معقدة تتوزع على ثلاثة محاور رئيسية ممثلة بالقوى العربية السياسية السنية والشيعية والكردية حيث تسعى كل قوة لترسيخ حضورها واستقطاب جمهورها التقليدي مع محاولة توسيع نفوذها في محاور الخصوم كلما أمكن على مستوى القوى العربية الشيعية تبرز عدة قوى أساسية في الانتخابات العراقية أبرزها ائتلاف الإعمار والتنمية برئاسة محمد شياع السوداني وائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي ومنظمة بدر بزعامة هادي العامري وتيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم وحركة صادقون بزعامة قيس الخزعلي وتحالف خدمات بزعامة شبل الزيدي إضافة الى حركة حقوق التابعة لكتائب حزب الله بزعامة حسين مؤنس وقوى شيعية أخرى متفرقة في بغداد ومدن الوسط والجنوب أبرزها تحالف البديل بقيادة عدنان الزرفي وسجاد سالم أما في الساحة السنية فيشتد التنافس بين تحالف السيادة بزعامة خميس الخنجر وحزب تقدم بزعامة محمد الحلبوسي وتحالف العزم بزعامة مثنى السامرائي وتحالف الحسم بزعامة ثابت العباسي مقابل قوى سنية أخرى تسعى لاستعادة ثقلها التقليدي في الأنبار وصلاح الدين وديالى أو تثبيت تمثيلها في المدن المختلطة التي كثيرا ما كانت محور صراع انتخابي وسياسي وفي المشهد الكردي يستمر التوازن الدقيق بين الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني الذي يقوده بافل طالباني مع منافسة تتصاعد داخل إقليم كردستان العراق ومع بغداد في آن معا وسط محاولات أحزاب أصغر مثل حركة الجيل الجديد والتغيير وجماعات المعارضة المدنية كسر الثنائية التاريخية وتقريب جمهور ناقم من الأداء الحزبي التقليدي وبين هذا التداخل السياسي والمجتمعي يقبل العراق على استحقاق انتخابي سيحدد ملامح المرحلة المقبلة ويكشف عما إذا كانت القوى المتنافسة تمتلك القدرة على إنتاج معادلة حكم جديدة أم أنها ستعيد تدوير الأزمات ذاتها التي أثقلت كاهل البلاد طوال عقدين حسابات النفوذ وقال الخبير في الشأن السياسي والانتخابي حسين الأسعد لـالعربي الجديد إن المشهد الانتخابي العراقي الحالي لا تحكمه قواعد أيديولوجية كما كان في مراحل سابقة بل تحكمه حسابات النفوذ داخل المكونات الثلاثة الكبرى الشيعية والسنية والكردية فالأحزاب الشيعية تتجه لصراع داخلي بين مشروع يريد استعادة السيطرة الحكومية ضمن أطر تقليدية يمثله الإطار التنسيقي ومشروع شعبي تعبوي يحافظ عليه التيار الصدري رغم غيابه عن المشهد السياسي والانتخابي وفي المقابل يحاول السنة التخلص من حالة التشتت عبر تحالفات تبحث عن موطئ قدم أكبر داخل المعادلة الوطنية بينما يواصل الحزبان الكرديان الرئيسيان التنافس على إدارة الإقليم والتمثيل في بغداد مع بروز أصوات معارضة تتحدى الثنائية التاريخية وبين الأسعد أن الانتخابات البرلمانية يوم غد الثلاثاء ليست مجرد سباق على المقاعد بل اختبار حقيقي لقدرة هذه القوى على تقديم رؤية حكم جديدة أو البقاء في دائرة تدوير الأزمات خاصة وأن الناخب العراقي بات أكثر وعيا ويميل إلى المحاسبة وهو ما يجعل الأداء السابق للأحزاب عامل حاسم في نتائج الاقتراع معتبرا أنه إذا فشلت القوى السياسية في قراءة التحولات الاجتماعية ومطالب الجيل الصاعد فقد نشهد تحولا صامتا داخل صناديق الاقتراع يغير قواعد اللعبة من دون ضجيج الجبوري اختبار لمصداقية الدولة من جهته قال الخبير في الشؤون الاستراتيجية عباس الجبوري لـالعربي الجديد إن القوى السياسية القائمة اليوم لا تتنافس على مشاريع دولة بقدر ما تتصارع على مقاعد ونفوذ داخل المكونات فالصراع الشيعي ـ الشيعي مثلا لم يعد حول من يقود الحكومة بقدر ما أصبح حول من يضمن السيطرة على القرار الأمني والاقتصادي بينما يلوح كل طرف بشارعه وقوته التنظيمية كورقة ضغط بديلة عن الشرعية الانتخابية وأضاف الجبوري أن القوى السنية ما زالت تدور في حلقة النفوذ الشخصي والزعامة المناطقية والتحالفات تفكك وتعاد صياغتها وفق الحسابات الفردية لا وفق المصلحة العامة والنتيجة أن الجمهور السني يشعر بأن صوته لم يتحول يوما إلى تمثيل حقيقي داخل الدولة وأوضح أن الانتخابات لن تكون فقط اختبارا للأحزاب بل لمصداقية الدولة نفسها فإذا أصر السياسيون على إدارة البلاد بالذهنية ذاتها فالجمهور قد يستخدم صناديق الاقتراع هذه المرة لمعاقبتهم لا لمكافأتهم والتحول قد يكون بطيئا لكنه قادم والشارع حين ينقلب لن يستأذن أحدا وفي حين جرت الانتخابات السابقة في عام 2021 في أعقاب الحركة الاحتجاجية التي شهدتها البلاد في خريف 2019 والمعروفة بـ احتجاجات تشرين فإن الانتخابات الراهنة تجري في سياق التغييرات الإقليمية التي أدت إليها الحروب الإسرائيلية العدوانية على غزة ولبنان وإيران بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر تشرين الأول 2023 وإسقاط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر كانون الأول 2024 ولا تتفق القوى السياسية العراقية النافذة سواء أكانت في مؤسسة الحكم أم خارجها على رؤية موحدة إزاء هذه الأحداث أو مقاربة مشتركة في كيفية التعامل معها ما أسفر عن انقسامات حادة في المشهد السياسي العراقي انعكست آثارها على الحملات الانتخابية وتشهد الانتخابات العراقية الراهنة بحسب الأرقام الصادرة عن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات مشاركة 31 تحالفا و38 حزبا و75 مرشحا مستقلا للتنافس على 329 مقعدا يخصص تسعة منها لكوتا المكونات ومع الإعلان عن انطلاق الحملات الانتخابية في 3 أكتوبر برزت مفارقة لافتة إن لم نقل تناقضا تمثلت في أن هذه الانتخابات قد حملت ربما الشعارات الأكثر طائفية منذ بدء العملية الانتخابية في العراق منذ عام 2003 فلم يعد التنافس يدور بين كتل تمثل هويات طائفية متقابلة أو بين كتل ذات قواعد طائفية وأخرى ذات توجه وطني عام بل بات التنافس محصورا داخل كل مكون