ولادة سورية الجديدة وتحديات تثبيت القيادة

٤٦ مشاهدة
تمر سورية اليوم بمرحلة سياسية جديدة بعد سنوات طويلة من الحرب والانقسام مع بروز الرئيس أحمد الشرعnbsp شخصية مركزية تحاول إعادة تعريف موقع سورية الإقليمي والدولي وصياغة رؤية مختلفة للعلاقات الخارجية والتوازنات الداخلية وجاءت مقابلة الشرع الأخيرة مع قناة الشرق على هامش قمة المناخ في البرازيل COP 30 لتعكس خطابا يسعى لتأكيد أن ولادة سورية الجديدة تمثل بداية لتاريخ مختلف ولفتح الباب أمام علاقات أكثر انفتاحا مع القوى العالمية والإقليمية ركز الشرع في حديثه على أن سورية كانت دائما ذات وزن تاريخي لكن النظام البائد فصلها عن العالم لعقود في محاولة لإرساء سردية جديدة تضع حكومته في موقع القطيعة مع الماضي وتسعى لإعادة دمج البلاد في المجتمع الدولي بعد سنوات من العزلة هذه المقاربة التصالحية تواجه تحديات كبيرة سواء على صعيد استعداد القوى الدولية والإقليمية لتقبل التحول أو على قدرة القيادة على تحويل الخطاب إلى خطوات عملية ملموسة على الصعيد الدولي اعتمد الشرع منهجا براغماتيا يقوم على البدء بالفعل أولا ما يعكس سعيه لبناء الثقة عبر الأفعال قبل التصريحات وتبرز هنا محاولات لإعادة تفعيل الدور الجيوسياسي لسورية باعتباره عامل توازن في الإقليم بما في ذلك فتح قنوات تواصل مع واشنطن رغم ارتباط ذلك بملفات حساسة مثل العلاقة مع إيران والتطبيع العربي الإسرائيلي والتحالفات الدولية الجديدة إقليميا حرص الشرع على توجيه رسائل واضحة للسعودية ودول الخليج مؤكدا أن أمن سورية جزء من أمن المنطقة ضمن إطار دبلوماسية الأمن المشترك بهدف تجاوز الشكوك وبناء تعاون اقتصادي وأمني مستدام كما أشار إلى المحبة بين الشعوب باعتبارها عنصرا أساسيا للعلاقات المستقبلية ما يوضح إدراكه أن المصالحة الإقليمية لا يمكن أن تكون سياسية فقط بل تتطلب أيضا أبعادا شعبية واجتماعية ويمثل قرار مجلس الأمن الأخير برفع اسم الشرع ووزير داخليته أنس خطاب من قوائم العقوبات خطوة رمزية نوعية تعكس توافقا نادرا بين القوى الكبرى ويمكن أن يمهد لحلحلة ملفات دولية أخرى ومع ذلك يظل هذا التوافق مرتبطا بحسابات دقيقة بين واشنطن وموسكو وبكين أكثر من كونه تفويضا مطلقا للسياسات السورية الجديدة داخليا بعد أكثر من عشرة أشهر على حكمه يبدو أن الشرع يدرك أن بناء الشرعية السياسية لا يعتمد فقط على الانفتاح الدولي بل على إعادة بناء قاعدة اجتماعية وسياسية متماسكة ويتطلب تحقيق هذا الهدف برنامجا وطنيا متوازنا يتجاوز الانقسامات الطائفية والدينية والإثنية ويعيد الثقة بين الدولة والمجتمع الشرع يدرك أن بناء الشرعية السياسية لا يعتمد فقط على الانفتاح الدولي بل على إعادة بناء قاعدة اجتماعية وسياسية متماسكة ويكمن التحدي الأكبر أمام القيادة السورية الجديدة في تحقيق توازن دقيق بين القوى العسكرية المتعددة على الأرض من قسد في الشمال الشرقي إلى الجيش الوطني في الشمال الغربي مرورا ببقايا فصائل هيئة تحرير الشام وصولا إلى معالجة التوترات المزمنة في السويداء جنوبا إن توحيد السلاح تحت راية الدولة لا يمكن أن يتم بقرارات آنية بل يحتاج إلى نهج براغماتي قائم على الحوار التدريجي وإعادة دمج القوى المحلية ضمن مشروع وطني شامل يهدف في نهاية المطاف إلى بناء جيش سوري موحد محترف ومتحرر من الانقسامات الفئوية والولاءات الضيقة وتظل تركيا عنصرا محوريا في معادلة استقرار سورية الجديدة إذ يعد بناء علاقة متوازنة مع أنقرة شرطا لأي استقرار مستدام لا سيما في ملفي اللاجئين وأمن الحدود كما يمكن أن تشكل إعادة تشكيل العلاقة مع دول الخليج خصوصا السعودية وقطر والإمارات رافعة مالية وسياسية لإعادة الإعمار بشرط الحفاظ على استقلال القرار الوطني وعدم تحويل دمشق إلى ساحة تجاذب إقليمي جديد أما دوليا فستعتمد علاقة سورية بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على مدى التزام الحكومة بالإصلاحات واحترام مبادئ العدالة الانتقالية مع إدراك الغرب أن أي انفتاح اقتصادي أو سياسي يجب أن يرافقه ضمان الحوكمة الرشيدة وسيادة القانون وبالتالي فإن مهمة الشرع مزدوجة إقناع الخارج بجدية التحول وإقناع الداخل بأن هذا التحول لا يعني الارتهان للقوى الخارجية في المحصلة يعكس خطاب أحمد الشرع محاولة تشكيل سردية سورية الجديدة بوصفها دولة تسعى لتجاوز الماضي من خلال التوازن بين الانفتاح الخارجي والإصلاح الداخلي إلا أن النجاح سيعتمد على القدرة على ترجمة الأقوال إلى أفعال وبناء مؤسسات قوية وتحقيق مصالحة وطنية حقيقية تعيد الثقة بين الدولة والمجتمع وبينما تتحدث القيادة عن ولادة سورية جديدة يبقى السؤال المركزي هل تمتلك هذه الولادة أدوات الاستمرار أم أنها مجرد مرحلة انتقالية أخرى في تاريخ بلد أنهكته التجارب المتناقضة

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2025 أحداث العالم