جلوسا على الأرض أطفال جنوب إدلب يتمسكون بسلاح التعليم

٣٤ مشاهدة
رغم كل الظروف القاسية التي خلفتها الحرب على الأطفال السوريين وتحصيلهم الدراسي من استهداف لهم ولمدارسهم من قوات النظام وحلفائه إلا أنهم أصروا على التمسك بالتعليم فكانت الخيام مدارس والأحجار مقاعد لا سيما في ريف إدلب ومناطق المخيمات بعد سقوط نظام الأسد وعودة الأطفال إلى مدارسهم في بلداتهم وقراهم بريف إدلب الجنوبي يصر الأطفال على أن التعليم الأمل الوحيد لمستقبلهم ومستقبل بلادهم التي دمرتها الحرب فدخلوا المدارس شبه المدمرة بلا مقاعد ولا نوافذ ولا أبواب محتملين مع معلميهم كل الظروف القاسية في سبيل استمرار العملية التعليمية كل يوم آخذ بطانية صغيرة من البيت أنا وصديقتي نجلس عليها لما تمطر ينزل الماء من الشبابيك المكسورة ونرفع دفاترنا حتى ما تبتل قبل أن يغادر الطفل أيهم العمري منزله في قرية معرشمارين جنوبي إدلب كل صباح تضع والدته في حقيبته قطعة صغيرة من الإسفنج قصتها بعناية لتكفي مساحة جلوسه على أرض الصف الباردة تقول له وهي تشد أزر سترته الرقيقة احملها معك يا ابني اجلس عليها في الصف حتى لا تبرد من الأرض صارت هذه القطعة جزءا من أدواته المدرسية اليومية مثل القلم والدفتر لكنها في الحقيقة وسيلة للبقاء داخل صف مدرسي بلا مقاعد ولا تدفئة في واحدة من أكثر المناطق تضررا من الحرب في شمال غربي سورية وفي المدرسة التي يرتادها أيهم يجلس عشرات من التلاميذ على الأرض متلاصقين قرب الجدران المتهالكة المطر الذي تسلل قبل أيام عبر النوافذ المكسورة ترك بقعا من الطين على أرض الصف فيما المعلمة تكتب الدرس على ورقة كبيرة علقتها بمسمار بعدما فقدت المدرسة سبورتها الخشبية منذ سنوات يبتسم أيهم بخجل حين يسأل عن مدرسته ويقول أحيانا ما في مكان أقعد عليه بفرش الإسفنجة وبجلس فوقها لما تمطر ننقل الدرس بسرعة قبل ما تبتل الدفاتر مدارس بلا نوافذ ولا أبواب يتكرر مشهد أيهم في كثير من مدارس ريف إدلب الجنوبي التي لا تزال تحمل آثار الدمار بعد أكثر من عقد من الحرب تحاول القرى المنسية ترميم ما يمكن ترميمه من حق التعليم لكن الإمكانات ضئيلة والشتاء يقترب بسرعة يقول مدير مدرسة معرشمارين الأساسية عبدالله الرحال لـ سورية الجديدة قريتنا كانت من أول القرى التي عاد إليها الأهالي بعد التحرير لكن الطلاب يدرسون اليوم بلا مقاعد ولا سبورات وحتى الأبواب والنوافذ غير موجودة في بعض الصفوف يجلس أكثر من 50 طالبا على الأرض وبعضهم يتناوب على الكتابة فوق دكة قديمة بقيت في زاوية الغرفة ويضيف الرحال أن غياب المرافق الأساسية مثل دورات المياه والتدفئة يثير قلق الأهالي على صحة أطفالهم لا سيما مع انخفاض درجات الحرارة يتابع الطلاب يجلسون ساعات طويلة في البرد بعضهم مصاب بالتهابات صدرية أو نزلات برد مستمرة نحتاج إلى تدخل عاجل لتأمين الحد الأدنى من التجهيزات لأن الوضع لم يعد يحتمل ويشير إلى أن مدارس ريف إدلب كانت قد تعرضت في عام 2019 لعمليات نهب وتخريب من قوات النظام ما أدى إلى فقدان أغلب تجهيزاتها وما تبقى من الأثاث المدرسي هو بقايا قطع محطمة أو مواد أعاد الأهالي ترميمها بأنفسهم نحاول أن نواصل التعليم حتى لا ينقطع الأطفال لكننا ندرس اليوم في مبان تفتقر لأي مقومات مدرسية مريم البطانية التي صارت مقعدا في قرية معرشورين القريبة المشهد لا يختلف كثيرا بين صفوف مدرسة قديمة يعمل فيها المعلمون بنظام الفترتين لتغطية نقص الأبنية تجلس الطفلة مريم العبد الله ذات السنوات العشر قرب الحائط في الصف الخامس وتحاول أن تكتب واجبها المدرسي فوق دفتر تبللت أطرافه بالماء تقول لـ سورية الجديدة كل يوم آخذ بطانية صغيرة من البيت أنا وصديقتي نجلس عليها لما تمطر ينزل الماء من الشبابيك المكسورة ونرفع دفاترنا حتى ما تبتل أحيانا المعلمة تكتب الدرس على كرتونة لأنه ما في سبورة ثم تضيف بابتسامة صغيرة أيدينا بتجمد من البرد بس ما بدنا نغيب عن المدرسة بدنا نتعلم مثل باقي الأولاد تكشف هذه التفاصيل جانبا من واقع التعليم في إدلب حيث تحولت المدرسة من مكان للتعلم إلى معركة يومية ضد الطقس والفقر والنسيان يأتي بعض الأطفال بأحذية ممزقة أو بلا معاطف ويقضون الحصص الدراسية وهم يحتضنون دفاترهم ليحافظوا على دفئهم قاسم علبة بلاستيكية بدل المقعد في ريف معرة النعمان الشرقي التي عادت إليها مئات العائلات خلال الأشهر الماضية يجلس الطفل قاسم الخالد 11 عاما على علبة بلاستيكية فارغة من زيت المحركات داخل صف بلا نوافذ في مدرسة الحي الشرقي يقول لـ سورية الجديدة هاي العلبة لقيتها برا المدرسة بغسلها كل يوم وبجيبها معي بقعد عليها بالصف الأرض كتير باردة وما في فرش يضحك قليلا ثم يضيف أحيانا المعلم بيولع شمعة أو يفتح كشاف الموبايل لأن الكهرباء بتنقطع كل الوقت المعلم بسام أبو الطيب أحد مدرسي المدرسة يوضح لـسورية الجديدة أن طلاب المدرسة يدرسون في ظروف قاسية جدا البرد قاتل وبعض الصفوف ما فيها سقف إسمنتي بل صفائح معدنية مثقوبة نحاول تدريسهم في ساعات الظهيرة عندما تكون الشمس أقوى لكن الأيام الماطرة تجعل الدوام شبه مستحيل ويتابع الأطفال متحمسون عندهم رغبة حقيقية بالتعلم لكنهم يفقدون التركيز بعد دقائق بسبب البرد لا يمكن لطفل أن يحفظ جدول الضرب ويداه ترتجفان من الصقيع معلمون بلا أجر ولا تدفئة في هذه المدارس المهدمة لا يعاني الأطفال وحدهم كثير من المعلمين يعملون منذ سنوات بشكل تطوعي دون رواتب ثابتة تقول المعلمة صفاء عثمان من ريف إدلب ما في تمويل والمنظمات انسحبت من أغلب المدارس ندرس لأننا لا نريد أن يضيع جيل كامل من دون علم بعض المعلمين يقطعون مسافات طويلة مشيا في المطر ليصلوا إلى الصفوف كل ما نريده هو مقاعد وأدوات بسيطة تضيف أحيانا نكتب الدرس على كرتونة من علب الإغاثة المدرسة تحولت إلى ورشة صبر لكن الأطفال يعطوننا طاقة نستمر بها حاول الأهالي بجهودهم الشخصية جمع تبرعات لإصلاح بعض الصفوف وتأمين المقاعد لكن التكلفة كبيرة والمنظمات العاملة في المنطقة تركز على دعم الإغاثة لا التعليم 3 مدارس فقط تعمل يؤكد عضو لجنة التنمية في قرية معرشمدين حسين الديري أن الوضع التعليمي في المنطقة بلغ حد الانهيار لدينا في القرية ست مدارس مشغولة بالكامل وثلاث مدارس أخرى مهدمة وغير مرممة نحو 1800 عائلة عادت إلى القرية بعد التحرير وعدد الطلاب المسجلين يقارب 1800 أيضا منهم مائتا طالب من القرى المجاورة ثلاث مدارس فقط تعمل حاليا بنظام الفترتين الصباحية والمسائية ويضيف لـ سورية الجديدة الصفوف مكتظة جدا والنوافذ والأبواب مفقودة ولا توجد أي وسائل تدفئة إذا لم تحل هذه الأزمة قبل الشتاء فسيزداد الوضع سوءا خصوصا أن مئات العائلات ما زالت تعيش في خيام قرب منازلها المهدمة الأطفال يدرسون في ظروف لا تصلح حتى للتخزين ويشير إلى أن الأهالي حاولوا بجهودهم الشخصية جمع تبرعات لإصلاح بعض الصفوف وتأمين المقاعد لكن التكلفة كبيرة والمنظمات العاملة في المنطقة تركز على دعم الإغاثة لا التعليم مؤكدا في حال لم تتدخل الجهات المعنية والمنظمات الإنسانية قريبا فإننا سنشهد انقطاع مئات الأطفال عن المدرسة هذا الشتاء لأن البرد أقوى من قدرتهم على التحمل خوف الأهل وإصرار الأطفال في هذه الأوضاع يعيش الأهالي حالة من التناقض بين خوفهم على أطفالهم ورغبتهم في استمرار تعليمهم بعضهم يفكر في إبقاء أولاده في المنزل حتى الربيع لكن آخرين يصرون على إرسالهم كل صباح رغم قسوة الظروف تقول أم أيهم وهي ترتب حقيبة ابنها قبل خروجه ما بدي ابني يترك المدرسة تعبنا كثير لنرجع نعيش حياة شبه طبيعية بس لما يرجع للمنزل ويداه زرق من البرد بخاف عليه ما في تدفئة ولا نوافذ ولا حتى باب يسكر الصف وتضيف بنبرة تعب نشتري له القفازات من السوق المستعمل ونفرش له إسفنجة صغيرة ونقول يا رب تمرق هالشتوية عخير ويقول مدرس اللغة العربية في ريف إدلب خالد الصبحي لـسورية الجديدة نحاول أن نبقي التعليم مستمرا بأي شكل لأننا نؤمن بأن المدرسة آخر ما يربط الأطفال بالأمل لكننا في الحقيقة ندرس في أماكن غير صالحة للحياة نحن لا نطلب معجزات نريد فقط سقفا يحمي الأطفال من المطر ومقعدا يجلسون عليه بكرامة مشروع الوزارة طموح كبير في واقع هش في مقابل هذا الواقع الصعب في الشمال أطلقت وزارة التربية والتعليم السورية في 27 الشهر الماضي أكتوبر تشرين الأول مشروعا واسعا لتأمين المقاعد المدرسية عبر الورش المهنية في المحافظات بمشاركة طلاب التعليم المهني ومعلميه تنوه مديرة التعليم المهني في الوزارة سوسن حرستاني لـسورية الجديدة الوزارة أعدت خطة لإعادة تصنيع نحو ستين ألف مقعد مدرسي في عموم المحافظات بمشاركة الطلاب وتحت إشراف المدرسين المشروع ينفذ على مرحلتين الأولى تشمل إنتاج المقاعد وتسليمها للمدارس حسب الحاجة والثانية تهدف إلى تأهيل الطلاب بالمهارات العملية التي تمكنهم من دخول سوق العمل بثقة وكفاءة وتوضح حرستاني أن المشروع يشمل مراكز إنتاج في دمشق حماة حلب اللاذقية وطرطوس وأن المقاعد تنقل لاحقا إلى المدارس الأكثر تضررا مضيفة نسعى إلى تأمين أكبر عدد ممكن قبل نهاية العام خصوصا للمناطق التي تعاني اكتظاظا شديدا كما خصصنا جزءا من الإنتاج لصيانة النوافذ والأبواب عبر الورش نفسها مشيرة إلى أن الخطة جزء من رؤية أوسع لربط التعليم المهني بالاحتياجات المجتمعية بحيث لا يكون التعليم نظريا فقط بل منتجا فعليا جيل كامل في شمال غربي سورية جيل يتعلم اليوم على الأرض على أمل أن يجلس يوما على مقعد حقيقي في وطن لم يعد يشبه الركام الذي يحيط به بحسب بيانات رسمية اطلع عليها سورية الجديدة يقدر عدد المقاعد المفقودة في المدارس السورية بأكثر من مائتي ألف مقعد أغلبها في المناطق المتضررة من الحرب لكن مسؤولين تربويين يؤكدون أن الكلفة العالية للنقل وصعوبة إيصال المعدات إلى بعض المناطق الخارجة عن السيطرة الحكومية تجعلان التنفيذ الكامل أقرب إلى الأمنيات منه إلى الواقع تبرع خلف الحبتور بارقة أمل خارجية في سياق متصل أعلنت الوزارة في 25 الشهر الماضي أكتوبر تشرين الأول عن تبرع رجل الأعمال الإماراتي خلف الحبتور بتقديم مائة ألف مقعد خشبي دراسي للمدارس في سورية في خطوة وصفت بأنها الأكبر من نوعها منذ سنوات وقالت الوزارة إن هذا الدعم يأتي منفصلا عن مشروعها الوطني للإنتاج المحلي لكنه يسهم في معالجة النقص الكبير في المقاعد وتخفيف الضغط عن المدارس المكتظة وبحسب مصادر تربوية يتوقع أن تبدأ عمليات الشحن والتوزيع خلال الأسابيع المقبلة لتصل الدفعة الأولى إلى المحافظات في كانون الأول ديسمبر المقبل ورغم أن إدلب ليست ضمن المناطق المشمولة رسميا بالتمويل الحكومي يأمل التربويون أن تشملها الدفعات الموزعة عبر المنظمات الدولية لما تعانيه من تدهور حاد في البنى التعليمية بين الأنقاض والأمل مع حلول الشتاء في إدلب يعود الخوف إلى الأمهات اللواتي يرسلن أبناءهن إلى مدارس تشبه بقايا منازل مهدمة لكن وسط هذا البؤس يظل الأطفال مثل أيهم ومريم وقاسم متمسكين بدفاترهم الصغيرة يرسمون أحلاما بسيطة عن مستقبل أفضل ربما في مدرسة دافئة لها أبواب تغلق ونوافذ تفتح على شمس خجولة يقول أيهم وهو يهم بمغادرة المدرسة أمي قالت لي إذا درست منيح بصير إلنا صف جديد فيه مقاعد ودفاية وأنا مصدقها وتختصر كلماته هذه حكاية جيل كامل في شمال غربي سورية جيل يتعلم اليوم على الإسفنج على أمل أن يجلس يوما على مقعد حقيقي في وطن لم يعد يشبه الركام الذي يحيط به

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2025 أحداث العالم