مهاجرو أميركا أقصى درجات الإقصاء والتقييد والعقاب

٥٢ مشاهدة
تشهد الولايات المتحدة منذ أشهر حوادث غير اعتيادية في بلد يفتخر بتطبيق إجراءات قانونية في الاحتجاز وأهمها ضد مهاجرين تخضعهم إدارة الرئيس دونالد ترامب لوسائل ترهيب وتخويف لا تخلو من عنف قادت أم سيارتها بحذر بعدما وضعت طفلها البالغ شهرا واحدا في كرسي خاص في المقعد الخلفي وتوجهت إلى منزلها في إحدى مدن ولاية كولورادو فأوقفها عناصر دائرة الهجرة والجمارك الأميركية ICE وحطموا الزجاج الأمامي فارتفع صراخ الطفل وصرخت نفسها يوجد هنا رضيع وفي حادثة أخرى في مدينة شيكاغو حاصر عناصر ملثمون ومسلحون من دائرة الهجرة أربعة من أفراد عائلة في حديقة حيث حملت الأم ابنها البالغ ثلاث سنوات وتمسكت الطفلة البالغة ثماني سنوات بدميتها وبكت على مدى التاريخ بنى مهاجرون الولايات المتحدة وهم جاءوا في البداية من أوروبا واستولوا على أراض للسكان الأصليين ثم تخلصوا من أعداد كبيرة منهم وأحضروا مجموعات من دول كانوا يحتلونها في أفريقيا وسلبوا منهم حقوقهم وحرياتهم وإنسانيتهم واستعبدوهم وأطلقوا عليهم اسم عبيد ومع نشوء الدولة الأميركية ثم اندلاع الحرب الأهلية 1860 صدر قرار بتحرير المهاجرين من أفريقيا لكن لم تجر مساواتهم بالأبيض ولم يحصلوا على حق التصويت في الانتخابات إلا في ستينيات القرن الماضي أي بعد نحو قرن من حصولهم على حريتهم على الورق nbsp موجات الهجرة تواصل توافد اللاجئين والمهاجرين من أنحاء العالم وغيرت الهجرة ديموغرافية السكان في الولايات المتحدة التي شهدت ثلاث موجات كبيرة أولها خلال الفترة بين عامي 1840 و1889 حين كانت الأفضلية للمهاجرين البيض القادمين من شمال وغرب أوروبا مع حظر سكان آسيا وكان 70 من 90 من المهاجرين الذين قدموا من أوروبا من ألمانيا والمملكة المتحدة وأيرلندا وحصلت الموجة الثانية بين عامي 1890 و1919 حين تكرر وصول 90 من المهاجرين من أوروبا لكن 60 منهم قدموا من إيطاليا والمجر وروسيا والنمسا وبولندا وبعدها فتح قانون الهجرة والجنسية الذي أقر عام 1965 باب الهجرة من آسيا وأميركا اللاتينية وجاء نصف المهاجرين من أميركا اللاتينية وربعهم من المكسيك وحدها وربع آخر من آسيا خاصة من الصين والهند والفيليبين وبحسب بيانات صدرت عام 2023 بلغت نسبة المهاجرين القادمين من المكسيك 22 وكانت أقل من عام 2010 حين بلغت 29 والمكسيك بالتالي أكبر بلد منشأ للمهاجرين في الولايات المتحدة وبين عامي 2000 و2025 وصل عدد غير مسبوق من المهاجرين إلى الولايات المتحدة بإجمالي نحو 11 مليونا من بينهم 3 ملايين عام 2023 الذي يعتبر الأكبر سنويا في تاريخ الولايات المتحدة وكان هذا العدد مدفوعا بسياسات ديمقراطية انعكست سلبا عليهم في الانتخابات الأخيرة وجاءت الأعداد الأكبر من المكسيك ودول أميركا الجنوبية وآسيا في حين تراجع عدد الوافدين من أفريقيا ومعظمهم بلا أوراق ثبوتية أكبر انخفاض خلال خمسة عقود حين تولى الرئيس دونالد ترامب ولايته الثانية في 20 يناير كانون الثاني الماضي بلغ إجمالي عدد المهاجرين المقيمين في الولايات المتحدة 53 3 مليونا وهو أكبر عدد في تاريخ البلاد التي تضم نحو 350 مليون مقيم وبعد ستة أشهر شهدت البلاد أكبر انخفاض في عدد المهاجرين خلال آخر خمسة عقود بتأثير السياسات الجديدة والمتشددة لترامب والتي يصفها الديمقراطيون بأنها قمعية وهكذا تراجع عدد المهاجرين إلى 51 9 مليونا بحسب تحليل أجراه مركز بيو لبيانات مكتب الإحصاء الأميركي ما يشير إلى أن نحو مليوني شخص على الأقل غادروا البلاد عبر إجراءات ترحيل أو رحيل طوعي من دون الدخول في دوامة الاحتجاز والترحيل القسري فعليا بدأ التغيير في السياسات المتعلقة بالمهاجرين في منتصف عام 2024 تحت ضغوط الجمهوريين وخلال استعدادات الانتخابات الرئاسية أعلن الرئيس جو بايدن قبل أن ينسحب لصالح كامالا هاريس عن قيود جديدة على طلبات اللجوء ما خفض المواجهات الحدودية مع المهاجرين الساعين إلى الحصول على الحماية لكن أكبر تغيير في سياسات الهجرة اتخذه ترامب بعد بدء ولايته الثانية عبر إصدار 181 إجراء تنفيذيا لمنع وصول المهاجرين الجدد وترحيل المقيمين غير الأميركيين nbsp الموريتاني أحمد تحدثت العربي الجديد مع مهاجرين اثنين قدما عبر الحدود أحدهما موريتاني الأصل والثاني مكسيكي يعيشان في محيط العاصمة واشنطن وتأثرت حياتهما بشكل كبير بالإجراءات التي اتخذتها إدارة ترامب يقول الموريتاني أحمد اسم مستعار وصلت إلى المكسيك بعد رحلة طويلة نفذتها في الأشهر الأولى من العام الماضي ومن بينها رحلة استغرقت نحو شهر وشهدت وقوعي في إيدي عصابة حصلت مني على أموال كي تسمح لي بإكمال رحلتي إلى الولايات المتحدة وحين دخلت الأراضي الأميركية سلمت نفسي إلى إدارة الحدود التي احتجزتني لأيام قبل أن تفرج عني تنفيذا لبرنامج الحماية القانونية للمهاجرين وكانت إدارة الرئيس السابق جو بايدن قد طبقت هذا البرنامج الذي يسمح لأشخاص قدموا من دولة ثالثة من خلال التدفق الجماعي على الحدود البرية وسمح لهم بتسجيل بياناتهم والحصول على تصاريح وإقامة مؤقتة حتى نظر المحاكم في طلباتهم وبدا أحمد الذي كان يعمل مدرسا في موريتانيا بالعمل في صالون حلاقة مؤقتا في انتظار جلسة المحكمة وفي مارس آذار الماضي انقلبت حياة أحمد رأسا على عقب بعدما ألغت إدارة ترامب الإجراءات التي اتخذتها إدارة بايدن والحماية القانونية لمن قدموا عبر دولة ثالثة وكانت حالته مماثلة لنحو مليون شخص ينتظرون جلسات المحاكم لكن إدارة ترامب أوقفت كل الإجراءات القانونية وأتبعت قرارها بإلغاء الحماية القانونية لمن لم يستكمل عامين وتجميد إجراءات تتعلق بالبصمة الشخصية وغيرها من التي يأتي دور أشخاص فيها بحسب الحظ وكثافة الدوائر ومكاتب الهجرة في المدن التي استقروا فيها وكان من حظ أحمد أنه أنجز إجراءات تسمح له بالإقامة حتى بت طلبه وهو يعيش منذ مارس آذار الماضي في قلق من فكرة القبض عليه واحتجازه وتوقف بالتزامن مع نشر إدارة ترامب الحرس الجمهوري في العاصمة واشنطن وسيطرة إدارته على شرطة المدينة عن العمل في العاصمة وانتقل إلى مكان آخر قرب منزله في ولاية فيرجينيا المجاورة التي تشهد حالة احتقان أقل من العاصمة واشنطن ليست حالة أحمد حالة استثنائية في الولايات المتحدة حاليا حيث يقدر عدد الذين تستهدفهم إدارة ترامب ببضعة ملايين وبحسب أرقام صدرت عام 2023 بلغ عدد المهاجرين الذين دخلوا الولايات المتحدة من دون أوراق ثبوتية ولا يتمتعون بوضع قانوني كامل 14 مليونا من بينهم نحو ستة ملايين لديهم وضع حماية مؤقتة من الترحيل وقدم نحو 2 2 مليون منهم طلبات لجوء و700 ألف طلبات باعتبارهم ضحايا للجريمة والعنف و700 ألف دخلوا في شكل قانوني بعدما حصلوا على إفراج مشروط ونحو 650 ألفا يتمتعون بوضع الحماية المؤقت المعروف باسم TPS الخاص بمهاجرين من دول تواجه حروبا وكوارث طبيعية وأزمات أخرى والذي ألغته إدارة ترامب لاحقا إضافة إلى نحو 600 مهاجر جلبوا في شكل قانوني إلى الولايات المتحدة مثل أطفال مسجلين في برنامج DACA الذي يمنحهم حماية من الترحيل أما الباقون فغير موجودين على الإطلاق في السجلات الرسمية للولايات المتحدة وكانت الطريقة الوحيد لجعل أوضاعهم قانونية الزواج من مواطنة أميركية وبخلاف ذلك عاشوا في الظل طوال حياتهم وتزوجوا وأنجبوا أطفالا حصلوا على المواطنة عبر الولادة وبالتالي على مساعدات حكومية مخصصة لأبنائهم كما ينتظر بعضهم إكمال أولادهم سن الـ18 لتقديم طلب الحصول على المواطنة المكسيكي خوسيه وصل المكسيكي خوسيه اسم مستعار إلى الولايات المتحدة من دولة هندوراس ودخل الحدود عام 2014 هربا من ضيق الحياة في بلاده وبحث عن لقمة العيش في الولايات المتحدة وطوال مدة إقامته لمدة أكثر من 10 سنوات في ولاية فيرجينيا وعمله في المطاعم لم تداهم قوات إنفاذ قوانين الهجرة الأماكن المختلفة التي عمل فيها لكنه يعيش هذه الأيام في قلق ويعمل أياما قليلة في الأسبوع ويترقب التنبيهات التي تبلغ عن وجود شرطة إدارة الهجرة في المنطقة أو في مراكز تجارية ويعني ذلك أنه يعيش منذ أن تولت إدارة ترامب السلطة في معاناة اقتصادية ونفسية وإنسانية انعكست سلبا على حياته لدى خوسيه ابن عمره تسع سنوات ولد في الولايات المتحدة من صديقته التي تقيم أيضا من دون أوراق ثبوتية قبل أن ينفصلا ويقول خوسيه أعيش للمرة الأولى في خوف أعمل وأحصل على مرتبات قليلة وأنفق على ابني وأرسل بعض المال لمساعدة أسرتي في بلدي لكنني لم أرسل أي مبلغ لها في الأشهر الماضية لا يريد خوسيه أن يغادر بأمل أن تخف حدة التضييق ويشير إلى أنه مواطن صالح لم يرتكب جرائم طوال عمله في الولايات المتحدة ولم يفعل شيئا سوى العمل ويبدي رغبته في الحصول على إقامة كاملة ويذكر بأن سياسات الرئيس الجمهوري رونالد ريغان خلال ثمانينيات القرن الماضي سمحت بحصول أكثر من مليوني مقيم معظمهم من أميركا اللاتينية على أوراق ثبوتية إذا دفعوا الضرائب وأثبتوا أنهم مواطنون صالحون وسأل لماذا لا تفعل إدارة ترامب ذلك وكانت إدارة ترامب قد أعلنت في الأسابيع الأولى من بدء ولايته الثانية أنها تستهدف الوصول إلى ترحيل نحو مليون شخص سنويا ووعدت بالقبض فقط على مرتكبي الجرائم لكن الواقع اختلف تماما حيث احتجز أشخاص أحيانا للاشتباه بهم واستنادا إلى لون بشرتهم ووصل الأمر إلى ترحيل أميركيين وحاملي البطاقة الخضراء للإقامة الدائمة عن طريق الخطأ وأجرت الإدارة تغييرات خفضت عدد المهاجرين وعمليات عبور الحدود إلى أدنى مستوى منذ ستينيات القرن الماضي كما زادت عمليات الاعتقال والترحيل المتعلقة بالهجرة وفقد الملايين وضع الحماية من الترحيل الذي منحته لهم إدارات سابقة من بينهم سوريون دخلوا البلاد بشكل قانوني وأقاموا تحت وضع الحماية المؤقتة كما غادر مئات الآلاف من المهاجرين من دون أوراق ثبوتية طوعا خوفا من السجن والاحتجاز وحاليا بعد مرور أكثر من تسعة أشهر تزداد إجراءات إدارة ترامب تشددا على المهاجرين وتواصل محاولات التضييق عليهم في ولايات جمهورية وأخرى ديمقراطية وتستخدم كل الإجراءات ووسائل الضغط والقوانين لمحاولة ترحيل أكبر عدد في تاريخ البلاد تجاهل القوانين السارية وفي حديثه لـالعربي الجديد يصف أوسكار تشاكون كبير المستشارين الاستراتيجيين في أليانزا أميركاس وهي شبكة أميركية غير ربحية تأسست عام 2004 ومقرها في شيكاغو وتمثل تحالفا من أكثر من 50 منظمة مجتمعية تعمل داخل الولايات المتحدة وخارجها لتحسين نوعية حياة المهاجرين ما تفعله إدارة ترامب بأنه تطبيق للقوانين الأميركية بأقصى درجات الإقصاء والتقييد والعقاب يضيف لم يقر الكونغرس الأميركي أي قوانين جديدة للهجرة منذ يناير وفي كثير من الحالات تستغل الإدارة صلاحيات تقديرية في اتخاذ قرارات ضد مواطنين أجانب مثل تعليق كل عمليات إعادة توطين اللاجئين في الولايات المتحدة وإنهاء معظم تصنيفات وضع الحماية المؤقتة TPS وتعتبر مداهمات الهجرة والاحتجاز وعمليات الترحيل جزءا من أكبر عمليات ترحيل على الإطلاق كان وعد الكونغرس بتنفيذها ويشدد على أن إدارة ترامب لا تكتفي باستغلال سلطتها التقديرية فقط بل تتجاهل بوضوح القوانين السارية وقدمت عشرات الطعون القانونية في أنحاء البلاد لكن المحكمة العليا أعطت عبر قرارات طارئة موافقات على ما اعتبرته محاكم أدنى انتهاكات وفي حالات أخرى جرى تجاهل قوانين أخرى بالكامل مثل حظر استخدام غاز الفلفل الخفيف أو الرصاص المطاطي والمفاجأة الأكبر أن ثلاثة أرباع المعتقلين والمحتجزين والمرحلين حتى الآن لم يملكوا سجلات جنائية وكان انتهاكهم الوحيد للقانون هو وجودهم وعملهم بلا تصريح في الولايات المتحدة عسكرة مناطق واستخدم ترامب بحسب تشاكون الاعتداء على حقوق المهاجرين المقيمين في الولايات المتحدة ذريعة دائمة لتحقيق هدف أكبر لإدارته وهو عسكرة العديد من المناطق بحجة مكافحة المهاجرين المجرمين ويقول أضافت إدارة ترامب أخيرا ما أطلقت عليه تهديد المجرمين والحاجة إلى القضاء على التشرد وأيضا مكافحة الإرهابيين وداعميهم هذه كلها شعارات وتسميات تهدف إلى نشر الخوف في نفوس المواطنين وبالتالي دعم إجراءات إنفاذ القانون المتشددة ومن بينها استخدام الجيش في المدن والتي تنتهك الممارسات والقوانين الراسخة منذ زمن طويل وردا على سؤال إذا كانت هذه السياسات هي الأسوأ ضد المهاجرين في السنوات الخمسين الماضية يذكر تشاكون بعمليات الترحيل الكبيرة خلال فترة الرئيس السابق باراك أوباما والتي بلغت نصف مليون مهاجر في إحدى السنوات وسجلت وقتها رقما قياسيا تاريخيا ويقول خلال إدارة أوباما بلغت إجراءات إنفاذ قوانين الهجرة مستويات غير مسبوقة رغم أنها لم تنتشر على نطاق واسع كما لم تستخدم القسوة والعنف في عمليات إنفاذ القوانين وجرى ترحيل الملايين من الأجانب خلال فترتين رئاسيتين ويبدو أن هدف إدارة ترامب هو تجاوز ما فعلته إدارة أوباما وباعتبار أن الكونغرس خصص أخيرا مبلغ 170 مليار دولار لعمليات إنفاذ قوانين الهجرة والاحتجاز التابعة لوزارة الأمن الداخلي يرجح أن تنفذ إدارة ترامب أكبر عمليات احتجاز وترحيل للأجانب في تاريخ الولايات المتحدة وعن تأثير هذه الإجراءات بالمجتمع يقول زاد عدد الأفراد والأسر الذين انتظروا طويلا إعادة توطينهم بصفتهم لاجئين في الولايات المتحدة من دون توضيح موعد إعادة توطينهم وبالنسبة إلى المقيمين فعلا في الولايات المتحدة أدت إجراءات اتخذتها إدارة ترامب إلى تفكك الأسر وانفصال الأطفال عن والديهم وزيادة مستويات القلق وفي لوس أنجليس وواشنطن العاصمة وشيكاغو ومدن أخرى جرى تشديد إجراءات إنفاذ قوانين الهجرة تشير تقارير إلى أن العديد من أطفال المهاجرين توقفوا عن الذهاب إلى المدرسة بسبب الخوف ما يؤثر بصحتهم النفسية على غرار أسرهم ومن الناحية الاقتصادية من السابق لأوانه قياس أثر هذه الإجراءات لكن يمكن ملاحظة انخفاض نشاط شركات عدة بشكل كبير في مدن مثل واشنطن العاصمة ولوس أنجليس وشيكاغو وأيضا في قطاع البناء حيث انخفضت العمالة

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2025 أحداث العالم