تعيش أكثر من مائة أسرة إثيوبية نازحة أوضاعا إنسانية مأساوية بسبب الصراع بين القوميتين الصومالية والأورومية بعدما فقدت كل مقومات الحياة التي كانت تعتمد عليها في كسب رزقها هذه الأسر التي فرت من مناطق تابعة لإقليم فافن الواقع على الحدود بين إقليم أرومو وإقليم الصومال في إثيوبيا وجدت نفسها في ضواحي مدينة جيغجيغا عاصمة إقليم الصومال الغربي المعروف حاليا بإقليم الصومال الإثيوبي دون مأوى لائق أو طعام كاف أو فرص عمل وتعليم في ظل تدهور اقتصادي يهدد حياتهم اليومية في أطراف مدينة جيغجيغا يقيم معظم السكان في منازل بدائية مصنوعة من الصفيح والحصير لا تقيهم حر النهار ولا برد الليل يعتمدون على مساعدة الأقارب أو بعض سكان الأحياء المجاورة الذين يمدونهم بالماء عبر عبوات صغيرة في منطقة تبعد نحو خمسة كيلومترات عن مركز المدينة حياتهم اليومية باتت معركة من أجل البقاء بعد أن عجزوا عن دفع إيجار المنازل أو الحصول على فرص عمل ثابتة عبد الناصر علي عبدي البالغ من العمر 43 عاما أحد هؤلاء النازحين يقارن قسوة الحياة التي يعيشها اليوم مقارنة بماضيه المستقر في قريته كراري التابعة لمنطقة تلي غوليد في إقليم فافن يقول قبل النزوح كنت أعيش حياة كريمة نملك الماشية والأراضي الزراعية ولم يكن لدينا هم في المأوى أو المأكل أما اليوم فلا أستطيع تأمين وجبة واحدة لعائلتي أخرج كل صباح أبحث عن عمل يومي لكن غالبا ما أعود بخيبة أمل ويعمل عبد الناصر أحيانا حمالا في الأسواق غير أن العمل لا يتوافر إلا مرة أو مرتين في الأسبوع بدخل لا يتجاوز ثلاثين دولارا شهريا وهو مبلغ ضئيل لا يكفي لتغطية احتياجات أسرته المكونة من زوجته وثلاثة أطفال يعيش في منزل متهالك من الصفيح في أرض خالية تبرع بها أحد أقاربه ويعتمد على مساعدة الجيران للحصول على الماء والغذاء أما عبيب توكالي وهو أب لخمسة أطفال فقد كان يملك مزرعة صغيرة ونحو خمسين رأسا من الغنم قبل أن تندلع المواجهات الأخيرة في قريته كراريب يقول بحزن كنا نعيش حياة مستقرة نأكل من خيرات أرضنا ونشرب من ألبان ماشيتنا أما اليوم فلا نملك سوى انتظار المساعدات أحيانا نجد ما نأكله وأحيانا نبيت جياعا اضطر عبيب إلى إخراج اثنين من أبنائه من المدرسة رغم مجانية التعليم لعدم قدرته على شراء الملابس والكتب والأدوات الدراسية البسيطة يعيش الآن على الديون والمساعدات التي يحصل عليها من أقاربه وبعض سكان المدينة الحال ذاته تعيشه أسرة نعمان محمد عثمان التي تتكون من خمسة أفراد يقول إنه نزح من قرية جافي في فافن بعدما اضطر إلى الفرار تاركا خلفه خمس أبقار وثلاثين رأسا من الغنم قطع وعائلته أكثر من 21 كيلومترا سيرا على الأقدام للوصول إلى مدينة جيجيغا بعد أن عجزوا عن دفع أجرة المواصلات واليوم يعيشون ضيوفا عند أسرة محلية تشاركهم القليل من الذي تملكه ويستمر الصراع بين القوميتين الصومالية والأورومية أكثر من خمسة عشر عاما ويعود في جذوره إلى الخلافات حول ملكية الأراضي على الحدود المشتركة بين المنطقتين وقد شهدت الأسابيع الماضية وتحديدا مطلع شهر أكتوبر تشرين الثاني الجاري تجدد الاشتباكات التي أودت بحياة عدد من المدنيين وأدت إلى تدمير ممتلكات ونزوح مئات الأسر من المزارعين والرعاة ورغم الجهود التي تبذلها السلطات المحلية لاحتواء الأزمة لا تزال المعارك المتقطعة تندلع من حين لآخر بينما يدفع المدنيون الثمن الأكبر من فقدان المأوى والمصدر المعيشي لتبقى قصصهم شاهدا مؤلما على واحدة من أطول الأزمات الإنسانية في المنطقة