عصر الإبادات لـ خوسيه أنخيل خمينيث حين تصير العدالة ديكورا
٥٦ مشاهدة
يبدأ الكتاب من الجملة التالية الإبادة الجماعية هي أبشع أشكال العنف لكنها في عصر المعلومات والضجيج الإعلامي فقدت دقتها الأخلاقية واللغوية إذ أصبح المصطلح يستخدم بخفة لوصف أحداث لا ترقى دائما إلى حد الإبادة كما عرفها القانون الدولي هي جملة تعلن بطريقة ما مسعى الكاتب والكتاب على حد سواء إعادة تعريف المفاهيم القانونية الكبرى مثل الإبادة الجرائم ضد الإنسانية جرائم الحرب العدوان مميزا بينها بدقة ومقدما شروحا مبسطة لقارئ غير متخصص من دون أي إفراط أو صرامة أكاديمية nbsp هذا تحديدا ما يتتبعه كتاب عصر الإبادات للباحث الإسباني خوسيه أنخيل لوبيث خمينيث أستاذ العلاقات الدولية والقانونية في جامعة كوميياس حيث يقف عند الفظائع الكبرى التي عرفها القرن العشرون وبدايات القرن الحادي والعشرين طارحا السؤال التالي لماذا توجد إبادات رغم كل المواثيق والمحاكم والقوانين يرصد الكتاب رحلة الدم والعدالة عبر قرن من التاريخ من الهولوكوست النازي إلى إبادة الأرمن ثم رواندا وسربرنيتسا ودارفور والروهينغا واليزيديين وصولا إلى أوكرانيا ثم فلسطين اللتين تمثلان في رأي المؤلف ذروة فشل النظام الدولي في حماية الإنسان من آلة الحرب والدمار الكاتب جريء لا يتردد nbsp في وصف ما يحدث في غزة بأنه إبادة جماعية بالمعنى القانوني والسياسي منتقدا الصمت الغربي والتواطؤ الدولي ومشيرا إلى أن الإفلات من العقاب يعود بالدرجة الأولى إلى الإرادة السياسية الغائبة والمصالح الجيوسياسية التي تتقدم على العدالة لا إلى غياب المحاكم يقول القانون موجود والمحاكم قائمة لكن العدالة لا تزال عمياء أمام الضحايا الذين لا يملكون حلفاء أقوياء يقدم لوبيث عرضا شائقا لتطور العدالة الدولية منذ محاكم نورنبرغ وطوكيو بعد الحرب العالمية الثانية وصولا إلى إنشاء المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي ودور محكمة العدل الدولية في الفصل في النزاعات بين الدول ينحاز إلى الذاكرة الإنسانية بوصفها شكلا من أشكال المقاومة غير أنه يذكر بأن هذه المؤسسات القانونية الكبرى رغم أهميتها التاريخية تبقى محكومة بمنطق القوة فـلا أحد يحاكم الأقوياء كما يقول مستشهدا بحالات متعددة من ازدواجية المعايير حين تحاكم بعض الدول وتستثنى أخرى رغم ارتكابها جرائم مماثلة ولا ينحصر الكتاب في سرد الجرائم أو تفكيك القوانين فمؤلفه ينحاز إلى الذاكرة الإنسانية بوصفها شكلا من أشكال المقاومة هكذا تأخذ الذاكرة في الكتاب بعدا سياسيا تمنع تطبيع العنف ونسيان الضحايا فـحين يمحى اسم الضحية من الذاكرة تبدأ الإبادة الثانية إبادة المعنى من هذا المنطلق يمكن اعتبار الكتاب نداء إنسانيا ضد النسيان وضد ما يسميه الكاتب تآكل الضمير العالمي في عصر السرعة والمصالح لا يتحدث nbsp لوبيث خمينيث من برج قانوني عال ولا يثقل على قارئه بالمصطلحات القانونية بل يسرد من موقع الشاهد والمؤمن بأن القانون الدولي صار بلا ضمير إنساني وبأنه يتحول إلى مجرد ديكور ولهذا يضع القارئ أمام سؤال موجع هل نحن في عالم تتراجع فيه العدالة بقدر ما تتسع المعرفة