الحوكمة في مواجهة الهدر  هكذا تغير مكافحة الفساد شكل إنفاق الخليج

٥٣ مشاهدة
يؤكد خبراء دوليون أن مكافحة الفساد بفعالية يمكن أن تحقق وفورات كبيرة في إنفاق دول الخليج عموما فيما تبقى التحديات التي تواجه المواطنين في الوصول إلى مؤسسات النزاهة عقبة أساسية أمام تحقيق هذا الهدف بحسب تقرير نشرته وكالة الأنباء القطرية وتشير تقديرات دولية إلى إمكانية تحقيق وفورات هائلة من خلال إصلاح منظومة الشراء الحكومي حيث كشف تقرير أعدته شركة أوليفر وايمان الاستشارية أن الحكومات يمكنها توفير ما يصل إلى 50 من تكاليف الشراء الحكومي عبر الحد من أوجه عدم الكفاءة والفساد بينما يمكن تحقيق وفورات قصيرة الأجل تصل إلى 25 من خلال مراجعة العقود الحكومية ورغم إنشاء هيئات متخصصة في مكافحة الفساد يواجه المواطنون في الخليج تحديات عدة أبرزها ضعف حماية المبلغين عن الفساد حيث لا تزال سياسات الحماية في مراحل تطور مبكرة في المنطقة كذلك إن محدودية الوصول إلى المعلومات تشكل عائقا إذ تمتلك 6 دول عربية فقط قوانين للحق في الحصول على المعلومات فضلا عن افتقار بعض هيئات مكافحة الفساد إلى الاستقلالية الحقيقية أو الموارد الكافية إذ لا تنشر بعضها تقارير سنوية مفصلة عن نشاطاتها بحسب تقرير نشرته شركة التميمي ومشاركوه للمحاماة وإزاء ذلك يقترح الخبراء حلولا تشمل رقمنة الخدمات الحكومية وتطبيق الحكومة الإلكترونية وتطوير أطر قانونية شاملة لحماية المبلغين وتحسين الشفافية عبر سن قوانين فعالة للحصول على المعلومات وفقا لتقدير نشرته شركة كينغ أند سبالدينغ المتخصصة في الاستشارات القانونية مبادئ الحوكمة الحديثة في الخليج في هذا الإطار يقول المستشار في المفوضية الأوروبية لشؤون الحوكمة محيي الدين الشحيمي لـالعربي الجديد إن دول الخليج العربية تسعى فرديا وجماعيا لتوحيد جهودها الإدارية والمؤسسية والسياسية لمكافحة الفساد مع التركيز على دمج مبادئ الحوكمة الحديثة في قياس مؤشرات الفساد ومواجهة الهياكل الموازية أو غير الرسمية التي تسهل تفشي الممارسات غير الشفافة لافتا إلى أن هذه الجهود تنطلق من بوابة الرقمنة والأرشفة القياسية عبر تبني المعايير والتطبيقات الدولية وتوحيدها مع التجربة الوطنية الخليجية ويشير الشحيمي إلى أن دول الخليج بدأت هذا المسار منذ فترة وأثمر تطورات ملموسة في مفاهيم إدارة الشأن العام مستندة إلى نماذج الحكومات التشابكية الرشيدة وساعد ذلك في وضع المنطقة ضمن مصاف الدول الرائدة في الحوكمة ورفع مستويات الشفافية وتعزيز الأمن القانوني والقضائي بفضل حزمة من التشريعات التي شجعت الاستثمار وحسنت بيئة الأعمال وكرست العدالة في محاسبة جميع من يخالف القانون بغض النظر عن موقعه ومن أبرز المقترحات لتعزيز هذه الجهود بحسب الشحيمي اعتماد آليات رصد منهجية وتطوير برامج متخصصة لقياس إدراك الفساد استنادا إلى بيانات شفافة وموثوقة وتعزيز الرقابة المشتركة بين دول الخليج من خلال تبادل الخبرات والقدرات المؤسسية ويؤكد الشحيمي أن العمل في هذا الإطار يجب أن يتركز على ثلاثة أنواع من الورش المتخصصة الأول على المستوى الوطني والمحلي والثاني على مستوى مجلس التعاون الخليجي والثالث في إطار التعاون الخليجي الدولي على أن توجه هذه الورش لدعم المبادرات القائمة على مؤشرات إحصائية دقيقة وتحسين جودة البيانات المتعلقة بمكافحة الفساد كذلك يدعو إلى الاعتماد على شراكة فاعلة مع أصحاب المصلحة واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى جانب توعية المجتمع وربطه بالتقنيات الحديثة والأسس التربوية والإجرائية التي تسهم في الوقاية من الفساد ومنعه تكلفة المشاريع وخفض الهدر وفي السياق أيضا يشير الخبير الاقتصادي حسام عايش لـالعربي الجديد إلى أن محاربة الفساد في دول الخليج لا تقتصر على حماية المال العام فحسب بل تمثل وسيلة فاعلة لخفض تكلفة المشاريع الحكومية بنسبة مالية قد تراوح بين 20 و30 موضحا أن تطبيق سياسات النزاهة والرقابة بكفاءة يتيح وفرا ماليا يمكن إعادة توجيهه لدعم مشاريع تنموية جديدة وتحسين الخدمات العامة ويؤكد عايش أن لمحاربة الفساد تأثيرا مباشرا وكبيرا في خفض الهدر المالي والمبالغة في الأسعار ما قد يحقق وفرا في تكلفة المشاريع لا يقل عن 10 إلى 30 إلى جانب تحسين جودة التنفيذ وتقليل التكاليف اللاحقة التي قد تمثل نحو 20 من إجمالي الميزانية التشغيلية للمشاريع فضلا عن رفع كفاءة التخطيط والإنفاق العام ما يعزز العائد التنموي على كل مبلغ ينفق خصوصا في القطاعات ذات الإنفاق الكبير مثل البنية التحتية والطاقة ويضيف أن هذه الجهود تمتد لتعزيز ثقة المستثمرين وتحسين بيئة الأعمال ما يسهم بدوره في خفض التكلفة الإجمالية للمشاريع بنسبة إضافية قد تصل إلى 5 10 مشيرا إلى أن المواطن الخليجي لا يزال يواجه تحديات متعددة في تعامله مع مؤسسات النزاهة ومكافحة الفساد تتقاطع أبعادها الإدارية مع البنى الاجتماعية والثقافية ومن بينها ضعف الوعي والثقة بالمؤسسات الرقابية وتضارب المصالح أحيانا وضعف آليات المحاسبة والبيروقراطية وطول الإجراءات كذلك إن ضعف مشاركة المجتمع المدني والمتابعة الإعلامية المحدودة إضافة إلى التداخل في المصالح بين القطاعين العام والخاص تضعف نزاهة تنفيذ المشاريع الكبرى وتقلل من فاعلية المساءلة الرادعة بحسب عايش لافتا إلى جهل كثير من المواطنين بقنوات الإبلاغ عن الفساد أو عدم إيمانهم بأن بلاغاتهم ستؤدي إلى نتائج فعلية ما يضعف ثقتهم بقدرة الأجهزة الرقابية على حماية المبلغين ويجعلهم مترددين في المشاركة كما هو الحال في مناطق أخرى من العالم العربي ويوضح عايش أن التعقيدات الإدارية واختلاف الأنظمة بين دول الخليج إلى جانب ضعف دور المجتمع المدني في بعضها تحد من فاعلية الرقابة والمساءلة ويرى أن الحلول تبدأ بتعزيز الشفافية عبر نشر تقارير دورية عن قضايا الفساد وضمان سرية المبلغين وأمنهم وتنفيذ برامج توعية مجتمعية تشرح دور المواطنين في تعزيز النزاهة إلى جانب تبسيط الإجراءات الحكومية والتحول الرقمي في الخدمات العامة وتوسيع استخدام أنظمة المشتريات الإلكترونية لما لذلك من أثر مباشر في تقليل فرص التلاعب ورفع كفاءة الإنفاق ويشدد عايش على ضرورة وضع تشريعات واضحة لتنظيم تضارب المصالح وتفعيل مبدأ المحاسبة الصارمة وتعزيز استقلالية الجهات الرقابية والقضائية مؤكدا أن وجود مؤسسات مجتمع مدني فاعلة وصحافة استقصائية نشطة وقنوات تواصل فعالة بين المواطن ومؤسسات النزاهة يعد أدوات أساسية لتحسين مشاركة المواطنين في الرقابة على المشاريع وأداء الحكومات ومراقبة تنفيذ المشاريع باستمرار والقدرة على التبليغ عن أي ممارسات خارجة عن الأنظمة والقوانين ويخلص عايش إلى أن كل ذلك يتطلب إرادة سياسية وتشريعية ومجتمعية مشتركة تمكن المواطنين من لعب دور أكبر في تقليل الفساد وتدعم جهود الجهات الحكومية في توحيد مساعيها لمنع الهدر وحماية المال العام بما يحول دون اعتبار الإنفاق الحكومي مالا سائبا ويضمن أن يكون العائد لصالح الجميع مشيرا إلى أن الأمر لم يعد قاصرا على المستوى المحلي بل بات يستدعي بناء منظومة خليجية موحدة في مجال مكافحة الفساد تضع معايير مشتركة للإنفاق على المشاريع الحكومية وتحميها من التغول والهدر

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2025 أحداث العالم