أظهرت دراسة جديدة أن السكتة القلبية Sudden cardiac death تشكل نسبة غير معتادة من أسباب وفيات لاعبات كمال الأجسام خصوصا المحترفات وتحدث هذه الحالة عندما يتوقف القلب عن العمل بشكل مفاجئ دون إنذار مسبق وهي نادرة عادة لدى صغار السن الذين يبدون أصحاء لكن الدراسة التي نشرت في 20 أكتوبر تشرين الأول في مجلة European Heart Journal وجدت أن السكتة القلبية هي السبب الأكثر شيوعا للوفاة بين اللاعبات اللواتي شملتهن الدراسة يوضح المؤلف الرئيسي للدراسة ماركو فيكياتو الأستاذ في قسم الطب الرياضي بجامعة بادوفا في إيطاليا أن السنوات الأخيرة شهدت زيادة كبيرة في عدد النساء اللواتي يمارسن تدريبات القوة والمشاركة في منافسات كمال الأجسام لكن الأبحاث والإعلام ظلا يركزان تقريبا فقط على الرياضيين الرجال وبعدما نشر فريقه دراسة سابقة عن لاعبي كمال الأجسام الذكور لاحظ وجود فجوة كبيرة في البيانات الخاصة بالنساء وفق ما قاله لـالعربي الجديد ولإنشاء قاعدة بيانات دقيقة جمع الباحثون أسماء 9447 لاعبة شاركن في منافسة واحدة على الأقل ضمن الاتحاد الدولي للياقة وكمال الأجسام بين عامي 2005 و2020 ثم بدأ الفريق في البحث عن أي تقارير تتعلق بوفاة هؤلاء اللاعبات بخمس لغات مختلفة عبر مصادر متنوعة شملت الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي ومنتديات كمال الأجسام والمدونات وبعد العثور على أي حالة وفاة كان الفريق يتحقق منها عبر أكثر من مصدر ثم يراجعها طبيبان لتقدير سبب الوفاة بأكبر قدر ممكن من الدقة وفي نهاية البحث رصد الفريق 32 حالة وفاة بمتوسط عمر بلغ نحو 42 عاما وكانت السكتة القلبية السبب الأبرز إذ شكلت نحو 31 من مجموع الوفيات كما بدت المخاطر أعلى بكثير بين المحترفات إذ وجد أنهن أكثر عرضة للوفاة القلبية المفاجئة بأكثر من 20 مرة مقارنة بالهاويات يشير فيكياتو إلى أن النتائج تعكس عبئا صحيا مهما في رياضة ترى عادة من زاوية الجمال والشكل والأداء لا من زاوية المخاطر الطبية ويوضح أن لاعبات كمال الأجسام غالبا ما يخضعن لتدريبات شديدة القسوة ويمارسن الصيام وتجفيف السوائل بهدف الوصول إلى أجسام شديدة النحافة وعضلية في الوقت ذاته وبعضهن يستخدمن مواد معززة للأداء وهذه الممارسات تفرض عبئا ضخما على القلب والأوعية الدموية كما كشفت الدراسة عن نمط مقلق آخر إذ شكلت وقائع الانتحار أو القتل نحو 13 من الوفيات بين النساء أي أربعة أضعاف النسبة التي ظهرت في دراسة سابقة أجراها الفريق نفسه على الرجال ويشير المؤلف الرئيسي إلى أن هذا الفارق اللافت يوحي بأن لاعبات كمال الأجسام قد يواجهن ضغوطا نفسية واجتماعية خاصة ربما تكون مرتبطة بصورة الجسد المتوقعة أو باستخدام مواد معززة للأداء أو بسبب متطلبات اللعبة القاسية ومع ذلك يقر الباحثون بأن للدراسة حدودا منهجية إذ إنها اعتمدت على البحث عبر الإنترنت ما يعني أن بعض الوفيات وخصوصا بين اللاعبات الأقل شهرة قد لا تكون موثقة كما أن بيانات التشريح لم تكن متوفرة سوى لعدد محدود من الحالات ما اضطر الباحثين أحيانا إلى تصنيف بعض الوفيات المفاجئة استنادا إلى تقديرات سريرية لا إلى أدلة جنائية قاطعة مع ذلك يرى الفريق أن النمط العام للنتائج قوي بما يكفي لإثارة القلق وفتح باب البحث في هذا المجال وفي ما يتعلق بالمقارنة برياضات أخرى يقول الباحثون إن لاعبات كمال الأجسام ربما يواجهن خطرا أعلى من كثير من الرياضيات المحترفات الأخريات وإن كان لا يزال أقل من ذلك الذي أبلغ عنه لدى لاعبي كمال الأجسام من الرجال ولم تختبر الدراسة الأسباب المباشرة لكنها أشارت إلى مزيج معروف بإجهاده الكبير للقلب تدريب مكثف وحمية قاسية وإنقاص سريع للسوائل وربما تعاطي منشطات تحمل الدراسة رسائل واضحة للرياضيات والمدربين والأطباء إذ تحذر اللاعبات من أن السعي إلى عضلات ضخمة ونحافة مفرطة قد يحمل ثمنا صحيا باهظا ويقول فيكياتو إن الوعي بهذه المخاطر ضروري لتشجيع ممارسات تدريب أكثر أمانا واتخاذ قرارات قائمة على المعرفة وتعزيز نهج صحي في منافسات كمال الأجسام كما يدعو إلى تغيير ثقافة اللعبة نفسها لرفع الوعي بالمخاطر ليس فقط بين المحترفات بل أيضا داخل مجتمع النساء المتزايد في تدريبات القوة عالية الشدة أما بالنسبة إلى الأطباء فيوصي الباحثون بإجراء فحوصات استباقية دقيقة وإرشاد مبكر حتى مع الرياضيات الشابات اللواتي يشعرن بأنهن في صحة ممتازة إذ غالبا ما لا ترى اللاعبات أنفسهن معرضات للخطر ما قد يؤخر الفحوص التي تكشف المؤشرات المبكرة لأمراض القلب ويختم فيكياتو بالقول إن نتائج الدراسة يجب أن تكون جرس إنذار حقيقيا يدفع إلى مراجعة العلاقة بين الجسد الأنثوي والمثالية الرياضية في هذه الرياضة التي لا تزال تخفي خلف مظهرها الصلب هشاشة إنسانية وصحية عميقة