انتخابات هولندا اليوم مفترق طرق بين اليمين المتشدد والوسط المنقسم
١٥ مشاهدة
تتجه الأنظار اليوم الأربعاء إلى هولندا حيث يصوت ملايين الهولنديين في انتخابات عامة مبكرة قد تعيد رسم المشهد السياسي في البلاد بل وفي أوروبا بأسرها فبعد انهيار الحكومة الصيف الماضي تعيش هولندا أجواء من الاستقطاب الحاد يقف في مركزها الزعيم اليميني المتشدد خيرت فيلدرز الذي يسعى إلى تحقيق فوز جديد يقوده نحو السلطة بعد عقود من الجدل ويحق لنحو 13 4 مليون إنسان التصويت أي نحو 91 من مجمل سكان البلاد البالغين ولم تمض سوى سنة تقريبا على تشكيل الحكومة السابقة برئاسة ديك شوف والتي جمعت بين الحزب من أجل الحرية اليميني المتشدد بزعامة فيلدرز وحزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية الليبرالي وحزب العقد الاجتماعي الجديد وحزب الفلاحين الزراعي حتى تفككت الشرارة كانت ملف الهجرة إذ انسحب فيلدرز غاضبا بعدما رفض شركاؤه ما وصفها بـخطة طوارئ وطنية من عشر نقاط تتضمن وقف استقبال طالبي اللجوء ونشر الجيش على الحدود عندها أعلن رئيس الوزراء استقالته لتدخل البلاد مرحلة جديدة من الغموض السياسي سباق متقارب وقلق من صعود اليمين وتظهر استطلاعات الرأي أن السباق الانتخابي متقارب للغاية ويتصدر حزب الحرية بنحو 25 إلى 30 من نوايا التصويت ما يعني قرابة 30 35 مقعدا من أصل 150 في مجلس النواب يليه ائتلاف اليسار بقيادة مفوض المناخ السابق في الاتحاد الأوروبي فرانس تيمرمانز ويتفوق بفارق طفيف في بعض المناطق لكن ما يتفق عليه هو أن فيلدرز رغم تقدمه سيجد صعوبة في تشكيل حكومة بسبب رفض معظم الأحزاب الدخول في ائتلاف يضم حزبه المعروف بخطابه المعادي للمهاجرين والإسلام فالنظام السياسي يعتمد على الحكم الائتلافي حتى وإن فاز حزب الحرية بعدد مقاعد كبير حيث تشكيله حكومة سيبقى معقدا مع غياب حلفاء لفيلدرز قادرين على ضمان أغلبية الهجرة والإسكان محركات الغضب الشعبي لم تكن الهجرة وحدها محور الجدل أزمة السكن التي تعاني منها هولندا والتي تقدر بنقص يقارب 400 ألف منزل أشعلت بدورها غضب الناخبين قال أحد المتظاهرين في مدينة أوتريخت حيث خرجت تظاهرة حاشدة للمطالبة بمزيد من المساكن لسنا ضد اللاجئين لكن أين سيعيش شبابنا لم نعد نجد سقفا بأسعار معقولة هذه المشاعر الممتزجة بالقلق من تراجع القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار منحت فيلدرز أرضية خصبة لتغذية خطابه الشعبوي الذي يربط بين أزمة السكن وسياسات الهجرة المفتوحة وأظهر استطلاع أن نصف الناخبين صنفوا الهجرة بأنها القضية الأولى لهم تليها أزمة الإسكان بنسبة 46 مشهد سياسي منقسم بلا عتبة انتخابية يعرف البرلمان الهولندي المكون من 150 مقعدا بتعدد أحزابه الفريد إذ لا توجد عتبة انتخابية ما يعني أن نحو 16 حزبا على الأقل ستدخل البرلمان الجديد من أصل 27 حزبا متنافسا هذا التشتت الحزبي يجعل من تشكيل أي حكومة مهمة معقدة قد تستمر أسابيع أو حتى أشهرا كما حدث في انتخابات سابقة ويعد هذا ثالث استحقاق انتخابي في هولندا خلال أقل من خمس سنوات ما يعكس حالة من الاستقطاب وعدم الاستقرار السياسي هولندا في قلب موجة أوروبية يمينية يرى مراقبون أن ما يجري في هولندا ليس معزولا عما تشهده أوروبا من صعود للمحافظين القوميين واليمين المتشدد فبعد نجاح حزب التجمع الوطني في فرنسا وحزب البديل لأجل ألمانيا ووصول جورجيا ميلوني إلى السلطة في إيطاليا تأتي هولندا لتضيف فصلا جديدا في هذا التحول القاري ويرى المحللون أن فيلدرز يمثل نسخة هولندية من هذا التيار قومي متشدد معارض للهجرة ومشكك في الاتحاد الأوروبي ويعتقد بعض المتابعين أن الموجة الأولى من اليمين الشعبوي كانت صدمة أما الموجة الثانية فهي زلزال يهدد بتمزيق النظام الأوروبي التقليدي مواقف متباينة تحالفات مستحيلة ومستقبل غامض في المقابل يحاول المفوض الأوروبي السابق فرانس تيمرمانز زعيم ائتلاف اليسار العمال والخضر تقديم بديل عقلاني يركز على العدالة الاجتماعية والانتقال الأخضر ومعالجة أزمة الإسكان دون استهداف المهاجرين لكنه يدرك صعوبة تجاوز موجة الغضب التي يجيد فيلدرز استثمارها وحتى لو فاز حزب الحرية بأكبر عدد من المقاعد يبقى السؤال من سيتحالف معه حتى الآن أعلن حزبا الشعب والعقد الاجتماعي رفضهما الصريح الدخول في ائتلاف يضم حزب فليدرز الحرية ما يعني أن البلاد قد تتجه إلى مفاوضات طويلة وربما حكومة أقلية ومع بدء التصويت صباح اليوم الأربعاء يتحدث الشارع الهولندي بقلق أكثر من الحماسة وتراجعت الثقة بالنظام السياسي إلى الحضيض بحسب الإعلام الهولندي البعض يرى أن فوز فيلدرز قد يكون رسالة إنذار للنخب السياسية فيما يخشى آخرون من أن يقود البلاد إلى عزلة دولية جديدة ورغم أن النظام الديمقراطي الهولندي معروف بقدرته على امتصاص الصدمات إلا أن هذه الانتخابات تظهر بوضوح مدى هشاشة الإجماع السياسي الذي لطالما ميز هولندا لعقود وتشير أحدث استطلاعات الرأي في هولندا إلى أن ائتلاف اليسار العمال والخضر بقيادة فرانس تيمرمانز سيحصل على ما بين 23 و26 مقعدا من أصل 150 في البرلمان أي نحو 15 17 ورغم هذا الأداء القوي نسبيا لن يتمكن التحالف من تشكيل حكومة بمفرده وسيظل بحاجة إلى دعم أحزاب وسطية أو تقدمية أخرى باختصار يظل تيمرمانز أحد أبرز المنافسين لليمين المتشدد بزعامة خيرت فيلدرز لكن موازين القوى تشير إلى برلمان منقسم وتحالفات معقدة لتشكيل الحكومة المقبلة