تصدير العقار المصري فوضى تشريعية ومغالاة في الأسعار
٥٦ مشاهدة
nbsp تصاعد الجدل مجددا حول تصدير العقار في مصر خلال الفترة الأخيرة مع بدء الحكومة تفعيل هذا البرنامج الذي أطلق منذ سنوات طويلة قبل أن تعاود الحكومة تنشيطه في إطار مساعيها لزيادة الحصيلة الدولارية وبناء الاحتياطي من النقد الأجنبي الذي بلغ 47 393 مليار دولار بحسب إحصاءات رسمية ويأتي سعي الحكومة لتفعيل مشروع تصدير العقارات كذلك للوفاء بالتزامات البلاد بالعملة الأجنبية وسد الفجوة التمويلية التي تصل إلى قرابة 10 مليارات دولار سنويا يشار هنا إلى أن الحكومة المصرية طرحت في عام 2023 مجموعة من المحفزات لتنشيط تصدير العقارات وتشجيع الأجانب على شراء العقارات مقابل الحصول على الجنسية أو الإقامة على غرار ما هو معمول به في العديد من دول العالم وأشار رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في تصريحات صحافية إلى وجود إقبال متزايد من المواطنين في الخارج على شراء وتملك العقارات في مصر وهو ما يعكس الثقة المتنامية في السوق العقارية المصرية وأكد رئيس الوزراء أن تصدير العقار أصبح اليوم أولوية أولى للدولة المصرية لما يمثله من دعم مباشر للاقتصاد الوطني وزيادة في موارد الدولة من العملة الصعبة وفي السياق ذاته أكد وزير الإسكان شريف الشربيني اهتمام الحكومة المصرية ببرنامج تصدير العقار وإزالة جميع العقبات أمام مشروع بيت الوطن مشيرا في تصريحات صحافية إلى طرح وحدات إضافية وقطع أراض لتلبية احتياجات جميع المتقدمين سواء من المصريين أو العرب أو الأجانب الراغبين في الحصول على أراض وعقارات مقابل سداد ثمنها بالدولار وكشف الوزير عن إطلاق الوزارة منصة جديدة لتصدير العقار المصري للأجانب نظرا لأن المنتج العقاري المصري بات محل اهتمام كبير في الداخل والخارج وأضاف أن المنصة سيتم من خلالها طرح المرحلة الثانية من الوحدات السكنية للمواطنين بإجمالي 25 ألف وحدة سكنية في المدن الجديدة ورغم هذه الجهود الحكومية وفي وقت يعاني فيه القطاع العقاري من ركود وتباطؤ في المبيعات لم تنجح الحكومة المصرية في تحقيق اختراق كبير في مجال تصدير العقارات أو تحقيق عائدات دولارية تلبي حاجة البلاد الشديدة للعملات الصعبة للوفاء بالتزاماتها وديونها الخارجية ويطرح هذا الإخفاق تساؤلات حول أسبابه وطرق تنشيط البرنامج والعقبات التي تحول دون مساهمته في تحقيق أهداف الحكومة فضلا عن دور القطاع الخاص والمطورين العقاريين المصريين في ذلك ويلعب سعر العملة دورا بارزا في مسألة ترويج العقارات لدى المصريين في الخارج أو المستثمرين الراغبين في شراء العقار بمصر حيث ينتظر هؤلاء أعلى سعر ممكن للدولار أمام الجنيه لكي تحقق أموالهم بالدولار مبالغ أعلى بالجنيه فتتزايد مكاسبهم غير أن تراجع سعر الدولار بالعالم ومن ثم بمصر يرجئ خطط هؤلاء أملا في تحسن الدولار ومن ثم يصعب من خطط تصدير العقارات بحسب محللين إخفاق في تنفيذ المشروع قال أستاذ الاقتصاد وخبير الاستثمار العقاري ماجد عبد العظيم إن إخفاق الحكومة في تفعيل برنامج تصدير العقار يعود في المقام الأول إلى وجود نوع من الفوضى في الإطار القانوني وفي مقدمتها التباطؤ في تسجيل ملكية العقارات خصوصا بالنسبة للأجانب الذين يحرصون على الحصول على صكوك الملكية في أسرع وقت ممكن كما يحدث في العديد من دول العالم وأضاف أن الحكومة المصرية لا ينبغي أن تنظر إلى قضية تصدير العقار من زاوية تحقيق عائدات دولارية فقط بل الأهم هو تنشيط السوق العقارية التي تعاني من ركود وتراجع كبير في المبيعات وهو ما ظهر بوضوح خلال مؤتمر سيتي سكيب الذي استضافته القاهرة مؤخرا وأوضح عبد العظيم أن المؤتمر فشل في تحقيق أرباح من تصدير العقارات مقارنة بما يجري في مؤتمرات مماثلة في السعودية وقطر والإمارات التي حققت مبيعات قياسية بينما أخفق كبار المطورين العقاريين المصريين في تحقيق مستهدف المبيعات في ظل الارتفاع المبالغ فيه في أسعار الوحدات العقارية في مصر وعاد عبد العظيم ليؤكد أن السوق العقارية المصرية تعاني من فوضى قانونية وتحتاج إلى تشريعات وقوانين تضبط عمليات البيع والشراء وتمنع ما يمكن وصفه بـالنصب على العملاء سواء كانوا مصريين أو أجانب فمثلا هناك مطور عقاري جمع أموالا من عملاء منذ عام 2015 ولم يقم بتسليمهم الوحدات المتفق عليها حتى اليوم وهو ما يضرب فكرة تصدير العقارات في مصر في مقتل دون حسيب أو رقيب ولفت إلى أن هذه الفوضى تفرض على مصر تفعيل ما يعرف بـحساب الضمان Escrow Account بما يضمن التزاما متزامنا بين تسليم الأقساط وتنفيذ المشروع وتسليمه وأن يكون هناك عقد ثلاثي بين المطور العقاري والمشتري والبنك الضامن للعملية وأشار إلى أن دولا مثل تركيا وقبرص والإمارات تمنح الإقامة أو حتى الجنسية لمن يشترون عقارات بأرقام معينة مضيفا في حديثه لـالعربي الجديد أن هذه الدول سبقت مصر كثيرا في هذا المجال وأبدى دهشته من أن مطورين عقاريين عربا نجحوا في تحقيق طفرة في تصدير العقارات في مصر وحققوا أرقاما قياسية في المبيعات بينما نظراؤهم المصريون يشتكون من منافسة الحكومة لهم وعدم قدرتهم على مجاراتها بسبب غياب الدعم وارتفاع أسعار الخامات ومواد البناء وهو ما ظهر بوضوح خلال اجتماع شهير جمع عددا من المطورين العقاريين المصريين برئيس الوزراء وحذر عبد العظيم من استمرار الضغوط الرسمية على المطورين العقاريين المصريين وغياب البنية التشريعية الضابطة للسوق معتبرا أن ذلك يضرب فكرة التصدير العقاري في مقتل من جانبه أعاد أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة رشاد عبده تعثر برنامج تصدير العقارات إلى إخفاق حكومي في المقام الأول نظرا لافتقاد الفريق الوزاري المشرف على تنفيذ هذا التوجه للكفاءة المهنية لإدارة ملف بهذه الأهمية حيث لو لم تستبعد الحكومة الكفاءات واستعانت بأهل الثقة لما حصل هذا التعثر وأشار إلى أن عدم مواكبة الوحدات المبيعة لتطلعات العملاء الأجانب وعدم ملاءمة المنتج النهائي والمبالغة في الأسعار ساهمت جميعها في تعثر المشروع كما أن التقلبات في سعر الصرف ورغبة المستثمرين الأجانب في انتظار انخفاض قيمة الجنيه المصري قللت من رغبتهم في شراء العقارات في مصر في هذا التوقيت وأضاف أن الحكومة لم تقدم حزمة خدمات متكاملة للمستثمرين العقاريين ولم توفر حوافز تتعلق بالحصول على الإقامة أو الجنسية ما جعل مصر تتأخر عن جذب المستثمرين مقارنة بدول عربية وإقليمية أخرى ولفت إلى أن المشكلات الكبيرة التي تواجه المطورين العقاريين المصريين عرقلت قدرتهم على تسويق وحداتهم وأفقدتهم القدرة على منافسة المطورين العرب مشيرا في حديثه لـالعربي الجديد إلى نجاح عشرات من المطورين الخليجيين في تحقيق إنجازات كبيرة في تسويق عقاراتهم بينما أخفقت الحكومة والقطاع الخاص المصري في تحقيق نجاحات مماثلة بسبب المشكلات التسويقية واللوجستية والقانونية في المقابل رأى مستشار اقتصاديات العقارات أحمد خزيم أن أسباب تعثر تصدير العقارات تعود إلى أزمة العرض والطلب فهناك آلاف الوحدات المعروضة بأسعار فلكية لا تتناسب مع المحفزات المقدمة للمصريين في الخارج أو للعرب ما دفعهم للعزوف عن الشراء وأشار إلى أن تذبذب سعر الجنيه المصري أمام الدولار دفع قطاعا من المستثمرين العرب إلى التريث في التجاوب مع مشروع تصدير العقارات وتأجيل الشراء لحين انخفاض قيمة الجنيه مجددا أمام الدولار بما يتيح لهم الشراء بأسعار أقل وأضاف أن تراجع سعر الفائدة دفع بعض المستثمرين إلى توجيه أموالهم نحو قطاع البورصة لتحقيق أرباح أكبر ما ساهم في تكريس حالة من الركود في سوق العقارات وألقى خزيم بالمسؤولية أيضا على قطاع من المطورين العقاريين الذين يقيمون سعر صرف الجنيه المصري عند 100 جنيه للدولار الواحد ما أدى إلى ارتفاع فلكي في أسعار الوحدات وتراجع الإقبال عليها وطالب خزيم الحكومة المصرية بتقديم سلسلة من المحفزات والتسهيلات لكل من المطورين العقاريين والمصريين في الخارج والعملاء العرب لإيجاد فرص تنافسية لهذا القطاع مع دول الجوار وإقرار تشريعات وإجراءات واضحة تتعلق بمنح الجنسية والإقامة لمن يمتلك عقارا مشددا في حديثه لـالعربي الجديد على أهمية أن يكون تصدير العقارات ضمن الاستراتيجية الاقتصادية للدولة وليس مجرد طرح مؤقت لحل أزمة الحصيلة الدولارية خبرات وردود من جانبه أوضح رجل الأعمال المصري المقيم في فرنسا عبد الله هريدي أنه واجه صعوبات كبيرة عندما لبى نداء الحكومة في مشروع بيت الوطن وقال إن الحكومة طرحت نحو ثلاثة آلاف قطعة أرض تقدم إليها 15 ألف مصري في الخارج وألزمتهم برسوم إدارية ومبالغ لتأكيد الجدية بالدولار فخسر أكثر من 12 ألف مصري ملايين الدولارات دخلت خزائن الحكومة دون أي مردود حقيقي عليهم وأضاف أن هناك مغالاة شديدة في أسعار الوحدات العقارية في مصر وافتقادها للمعايير الدولية خصوصا في التشطيبات النهائية مشيرا في حديثه لـالعربي الجديد إلى وجود تعقيدات قانونية تتعلق بتسجيل الوحدات وإثبات الملكية وهي جميعها عوامل حالت دون إقبال المصريين في الخارج على الشراء ودفعتهم لتفضيل الاستثمار في بلدان عربية وإقليمية تقدم حوافز أكبر في المقابل قال وكيل لجنة الإسكان ورئيس غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية المهندس طارق شكري إن برنامج تصدير العقار حقق عائدات بلغت 1 5 مليار دولار خلال عام 2025 مقارنة بـ500 مليون دولار في عام 2024 وأكد في تصريحات إعلامية أن هذا الارتفاع يعكس الثقة في حجم السوق العقاري المصري ووجود منتجات عقارية قادرة على المنافسة الدولية ونبه إلى وجود فجوة بين القدرة الشرائية للعملاء وأسعار البيع في السوق العقاري وهو ما يتطلب تفعيل التمويل العقاري بفائدة مخفضة ومدعومة من البنك المركزي فائدة 8 للوحدات حتى مئة متر و10 للوحدات بين مئة و150 مترا و12 للوحدات التي تتجاوز 150 مترا واختتم قائلا إن هذا الدعم من شأنه تنشيط السوق العقارية وزيادة الطلب على العقارات بمختلف الشرائح السكنية ما ينعكس إيجابا على الاقتصاد المصري ككل لارتباط أكثر من مئة صناعة بالعقار