المغرب يتعهد بإنفاق 15 مليار دولار بعد احتجاجات الشباب
١٧ مشاهدة
يعتزم المغرب زيادة ميزانية الخدمات الاجتماعية للعام المقبل عقب موجة من الاحتجاجات الشبابية ضد الإنفاق على كأس العالم لكرة القدم 2030 وقد خصصت الحكومة 140 مليار درهم نحو 15 مليار دولار للرعاية الصحية والتعليم بزيادة تقارب 18 عن الميزانية الحالية وبحسب بلومبيرغ جاء مشروع القانون الذي أعلنه الديوان الملكي عبر التلفزيون الرسمي يوم الأحد بالتزامن مع إجراءات تهدف إلى تسهيل ترشح المرشحين الذين تقل أعمارهم عن 35 عاما لانتخابات هذا العام إضافة إلى إصلاح الأحزاب السياسية كما تحظر المقترحات الجديدة على أي شخص مدان بارتكاب جرائم الترشح لعضوية البرلمان وتشير هذه الخطوات إلى استعداد الحكومة لمعالجة المظالم الرئيسية لما يعرف بمتظاهري الجيل زد الذين قادوا المظاهرات في المملكة الواقعة في شمال أفريقيا في وقت سابق من هذا الشهر بعد أحداث مشابهة شهدتها كينيا ونيبال ومدغشقر وتنبع الاضطرابات المغربية النادرة من الغضب إزاء إنفاق الحكومة قبل كأس العالم 2030 الذي تستضيفه البلاد بالاشتراك مع إسبانيا والبرتغال كما خصص المغرب ما يقدر بنحو 35 مليار دولار للإنفاق على البنية التحتية خلال السنوات المقبلة مع توجيه جزء كبير من هذا المبلغ إلى المرافق المتعلقة بالبطولة وانتقد المتظاهرون الحكومة لإنفاقها ببذخ على حدث رياضي في حين تعاني الخدمات الاجتماعية من ضعف التمويل وتشمل خطط الرعاية الصحية والتعليم وهما من أبرز المطالب التي ركز عليها المتظاهرون خلق 27 ألف وظيفة في القطاعين بالإضافة إلى تطوير 90 مستشفى وزيادة الإنفاق على برامج الرعاية الاجتماعية للأطفال nbsp ولم تكشف بعد تفاصيل أهداف الحكومة بشأن معدلات النمو والعجز المالي غير أن صندوق النقد الدولي يتوقع أن يبلغ عجز المغرب بنهاية عام 2025 نحو 3 8 على أن ينخفض تدريجيا إلى أقل من 3 بحلول نهاية العقد وكانت السندات الدولارية المغربية قد تراجعت في بداية الشهر مع اندلاع الاحتجاجات قبل أن تستعيد معظم خسائرها لكنها ما زالت من بين الأسوأ أداء بين السندات السيادية في الأسواق الناشئة خلال تلك الفترة وفقا لبيانات بلومبيرغ وفي الشهر الماضي رفعت وكالة ستاندرد آند بورز العالمية للتصنيف الائتماني تصنيف المغرب إلى درجة استثمارية ما عزز آمال البلاد في جذب الاستثمارات الأجنبية لدعم الزخم الاقتصادي وتوقعت الوكالة انخفاضا بطيئا في نسبة الدين الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي بفضل ارتفاع الإيرادات وتحسن أداء المالية العامة كما تضمن مشروع القانون خططا لتحديث الأحزاب السياسية وتعزيز مشاركة المرأة والشباب من خلال تغطية ما يصل إلى 75 من تكاليف الحملات الانتخابية للمرشحين دون سن 35 عاما وتخصيص دوائر انتخابية جهوية حصريا للمرشحات وتظهر استطلاعات الرأي الأخيرة أن معظم المغاربة لا يثقون بالأحزاب السياسية وأن الغالبية العظمى من الشباب يعزفون عن المشاركة في الانتخابات وتعكس هذه الإجراءات قلق السلطات إزاء ما وصفه وزير المالية المغربي بأنه جرس إنذار إذ طالما اشتكى الشباب من ندرة فرص العمل وهي أزمة تفاقمت بفقدان نحو مليون وظيفة في القطاع الزراعي أحد القطاعات الرئيسية في البلاد خلال العقد الماضي ويعمل المسؤولون المغاربة على وضع خطط طويلة الأجل لتنويع مصادر الدخل غير أنهم يعترفون بأن هذه الخطط قد لا تستجيب لمطالب الشباب الذين يبحثون عن حلول أكثر إلحاحا شهد الاقتصاد المغربي خلال السنوات الأخيرة نموا متذبذبا تأثر بعوامل داخلية وخارجية أبرزها تقلبات أسعار الطاقة والجفاف المتكرر وتداعيات جائحة كورونا ويعد القطاع الزراعي أحد أعمدة الاقتصاد المغربي إذ يشغل نسبة كبيرة من القوى العاملة إلا أن تراجعه الحاد خلال العقد الماضي أدى إلى فقدان مئات الآلاف من الوظائف ما زاد الضغوط الاجتماعية كما يعتمد المغرب على الاستثمارات الأجنبية والتحويلات المالية من الخارج لدعم احتياطاته وتمويل العجز في الموازنة في ظل محدودية الموارد الطبيعية ورغم نجاح الحكومة في تنفيذ مشاريع بنية تحتية ضخمة مثل الموانئ والطرق السريعة ومشاريع الطاقة المتجددة إلا أن الفجوة الاجتماعية بين المدن الكبرى والمناطق الريفية لا تزال واسعة وقد أثار الإعلان عن استضافة كأس العالم 2030 بموازنة ضخمة تقدر بـ35 مليار دولار للبنية التحتية جدلا واسعا حول أولويات الإنفاق العام إذ اعتبره كثير من الشباب دليلا على سوء توزيع الموارد في ظل معاناة قطاعات التعليم والصحة من ضعف التمويل لذلك فإن زيادة الميزانية الاجتماعية إلى 15 مليار دولار تمثل محاولة لتخفيف التوتر وإعادة التوازن بين متطلبات النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية يعكس القرار المغربي بزيادة الإنفاق الاجتماعي استجابة مباشرة لمطالب الشارع وسعيا لاستعادة الثقة بين الدولة والمواطنين خصوصا فئة الشباب التي تشكل أكثر من ثلث السكان ومع أن هذه الخطوة تحمل بعدا سياسيا واجتماعيا واضحا فإن فعاليتها ستعتمد على آلية تنفيذها ومدى شفافيتها في توجيه الأموال إلى القطاعات الأكثر احتياجا فإذا ما نجحت الحكومة في تحويل الوعود إلى إصلاحات ملموسة في التعليم والصحة والتوظيف فقد تشكل هذه المرحلة نقطة تحول نحو نموذج تنموي أكثر شمولا وعدالة أما في حال بقاء الإصلاحات شكلية فإن الاحتجاجات الأخيرة قد تكون مجرد بداية لمرحلة جديدة من الضغط الشعبي بحثا عن العدالة الاقتصادية والاجتماعية