لم يكن إصدار كارول سماحة أغنية جديدة من كلمات وألحان وتوزيع زياد الرحباني 1955 2025 بعنوان ما بتنترك وحدك مفاجئا لجمهورها بقدر ما كان استمرارا طبيعيا لعلاقتها الفنية العميقة بعالم الرحابنة الذي شكل أحد ركائز مسيرتها الأغنية التي أخرج الكليب الخاص بها روي الخوري جاءت بمثابة تحية وفاء إلى زياد واستعادة لصوته وذائقته الموسيقية بعد رحيله ومحاولة من سماحة لتقديمه بروحها الخاصة دون أن تفقد الجوهر الرحباني الذي تربت عليه فنيا منذ بداياتها لم تبتعد سماحة عن مدرسة الرحابنة بل حلمت منذ طفولتها بالانتماء إليها وقد تحقق هذا الحلم في منتصف التسعينيات عندما اختارها منصور الرحباني لدور البطولة في أعماله المسرحية فكانت جزءا من المشهد الرحباني الحديث ومع أبنائه وتحديدا أسامة الرحباني قدمت أربع مسرحيات ضخمة من أبرزها ملوك الطوائف 2003 وزنوبيا 2007 لتصبح من أبرز الوجوه التي حافظت على تقاليد المسرح الرحباني بصوت وأداء يجمعان بين التمثيل والغناء والاستعراض بعد زواجها عام 2013 أعادت سماحة بناء مسيرتها لتؤسس خطا غنائيا مستقلا جعلها من نجمات الصف الأول في الغناء العربي بصوت قوي وإحساس مسرحي قل مثيله لكنها رغم اتجاهها نحو الأغنية الحديثة ظلت وفية للفن الأصيل الذي تربت عليه لذا لم يكن غريبا أن تختار إصدار عمل لزياد الرحباني لتؤكد من خلاله تمسكها بالموسيقى ذات القيمة وباللغة التي تجمع البساطة والعمق تبدو ما بتنترك وحدك وفية لأسلوب زياد في الكلمة واللحن فاللغة اليومية الحميمية التي تميز نصوصه حاضرة بوضوح كما في أغنياته السابقة مثل ولعت كتير غنتها سلمى المصفي وبنص الجو غنتها لطيفة لكن الجدل رافق الأغنية منذ صدورها إذ اتضح أن زياد لم يسمع النسخة النهائية قبل وفاته ما جعل التسجيل والمزج الموسيقي يتمان بغيابه وهو ما لاحظه جمهوره المتشدد حاولت كارول سماحة الحفاظ على نفس زياد إلا أن غيابه ترك فراغا في تفاصيل الأداء الموسيقي وظهر اختلاف بين روح الأغنية الأصلية والطابع التقني الحديث الذي قدمه فريق الإنتاج الكلمات الهادئة والإيقاع البسيط منحا الأغنية طابعا عاطفيا ناعما لكنها بدت في رأي بعض النقاد تفتقد لمسة زياد الأخيرة في المزج بين الجاز والموسيقى الشرقية التي شكلت هويته أما الفيديو كليب الذي يدور في فضاء مسرحي أنيق فزاد من الطابع الكلاسيكي للأغنية وظلمها ربما لكنه ابتعد عن روح زياد القريبة من الناس والشارع البيروتي وربما كان أجدر بالفريق تصويرها في أحد مقاهي الحمرا أو شوارع بيروت القديمة التي ألهمت زياد طيلة مسيرته ورغم هذا التباين في الآراء حظيت الأغنية بتقدير واسع من جمهور كارول سماحة الذي رأى فيها وفاء صادقا لزياد ومحاولة لتجديد إرثه بأسلوب معاصر وتشير مصادر فنية إلى أن الفنانة اللبنانية تستعد لإطلاق أغنية ثانية من أرشيف زياد الرحباني قريبا إلى جانب أعمال أخرى كتبها الراحل لفنانين مختلفين ويجري التحضير لإصدارها تباعا