مؤخرا في بلادنا العربية وإن بشكل محدود تبدلت صورة الكاتب في الأذهان فلم يعد ذلك الراهب المنعزل بين كتبه المتفرغ للتفكير والإبداع في برجه العاجي بعيدا عن صخب الشارع والناس بل تحول إلى شخصية تجوب الأضواء حاضر في المناسبات الثقافية ومعارض الكتب وحفلات التوقيع وتوزيع الجوائز الذائعة الصيت تلاحقه الكاميرات أو يلاحقها إن انجابت الأضواء عنه يلهث وراءها وأصبحت بلدان الجوائز تفخر بإعطائه جائزة مقابل ما يمنحها من سمعة عالمية طيبة بالتالي لم يعد يكتفي بالتكريم مرة واحدة المفترض أن يكرم أكثر من مرة وهو نوع من الطمع المحبب فالمؤسسات الثقافية المانحة لن تبخل عليه خاصة بعدما أثبت ثقلا أدبيا وأصبح له رأي مسموع في السياسة مثلما في التاريخ والفلسفة nbsp المشهد السابق باتت إرهاصاته تتوارد وغدا متوقعا فالمثقف أو الأديب أدرك قوة تأثيره في الفضاء العام وإذا أراد أن يكون فاعلا فلا بد من الشهرة لتنتشر آراءه بسرعة مع المناعة من النقد وما يعود عليه من فوائد كمدخل إلى المجد فالزمن لا يطاولها بقدر ما يعتقها nbsp أصبح السعي إلى الشهرة سمة ملحوظة في المشهد الثقافي العربي يتبدى في السعي المحموم لمجاراة الغرب في المظاهر الثقافية فنحن لا نقل عنه ولدينا مشاهيرنا الذين يتحملون وطأة ما يبذل من أجلها من مشقة ومتاعب لا يكفي الحصول عليها وإنما الاحتفاظ بها أيضا لماذا لا يحصل الكاتب على حصته من الشهرة مثل الطباخين والطغاة لا يلام الكاتب الممسوس بها فهو مجرد إنسان أصيب بداء الشهرة اللعين وهو داء وبيل لا يستهان به ففي بداية حياته الأدبية كان يتوسلها ويهدر ماء وجهه من أجلها ثم جاهد جهاد الإرهابيين فلم يقف في وجهه عائق عن انتزاعها عنوة وبإمكانيات متواضعة أحيانا لا تستحق الذكر بعدها رفع رأسه عاليا وتحلى بالكبرياء الملازم لذوي الحيثية مع بعض التواضع أصبح كاتبا مرئيا من قبل الجمهور يرى في كل مناسبة وتسخو السلطات الثقافية في منحه المزيد من الشهرة لا ينجو المشاهير من الانتقادات غالبا من الغيورين والحساد مع أنه في العصر الحديث أصبح لكل مهنة مشاهيرها يجوبون صفحات التواصل الاجتماعي منهم ممثلون كانوا السباقون إلى الشهرة منذ ظهرت السينما ورياضيون منذ ظهرت الرياضة وعارضات أزياء منذ أصبح هناك بيوتات للأزياء وسحرة منذ كان السحر يحيي ويميت كذلك قارئو الحظ والمتنبئون بالمستقبل والكوارث والاغتيالات بينما الكتاب والمفكرون مطاردون بالحرم والتحقيقات والسجن والإعدام حرقا لماذا لا يحصل الكاتب على حصته من الشهرة مثل الطباخين والطغاة هل لأن صورة الكاتب تحت الأضواء الساطعة لا تتلاءم مع كتاباته الكئيبة كان انتقاد الأديان والخرافات والتاريخ الدموي والحروب المدمرة شأنه في الكتابة وفي حال تفلسف ولنفترض أنه روائي يكتب عن الغربة والمنفى والاغتراب والاستلاب روايات تنضح بوساوس الاضطهاد من أين جاء بها إذا كانت حياته تعج بالنزوات ولو كانت محبطة nbsp nbsp يمكن الرد على هذه الانتقادات المتحاملة بالعودة إلى تاريخ الثقافة العربية القريب فقد أحرز الشهرة في عالمنا العربي طه حسين وعبد الرحمن بدوي ونجيب محفوظ ومحمد عابد الجابري وهذا غيض قليل من فيض كبير ولا يعابون عليها أنها جاءتهم زاحفة إليهم في صوامعهم واعتبروا أن الشهرة منحتهم منبرا يمكن استخدامه للتأثير في الناس ودفعهم للتفكير وتحريك المياه الراكدة في الثقافة والمجتمع واستغلوها في نشر النهضة والثقافة والأفكار العظيمة وإذا كانت أجيال المشاهير التي جاءت بعدهم قد انصرفت إلى طمس جهودهم باعتبار أن الزمن تجاوزها سبقنا الغرب إلى ما بعدها منذ أكثر من قرن وما علينا إلا تقليده وتوفير هذا العناء بالامتثال لثقافة مجربة وموثوقة فلا غرابة أن يكون مشاهير الداخل متطفلين على مشاهير الخارج ينقلون عنهم أصول الشهرة أيضا nbsp روائي من سورية