إنذار صيني لا نريد حربا تجارية مع أميركا لكننا لا نخشاها
٥٦ مشاهدة
في أول رد رسمي على تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 100 على الواردات الصينية اعتبارا من نوفمبر تشرين الثاني المقبل أصدرت وزارة التجارة الصينية أمس الأحد بيانا مطولا وصفت فيه الخطوة الأميركية بأنها مثال صارخ على ازدواجية المعايير وأكدت الوزارة أن بكين لا تسعى إلى حرب تجارية لكنها لا تخشاها في إشارة إلى استعدادها لاتخاذ إجراءات مقابلة لحماية مصالحها معتبرة أن قرار واشنطن يقوض أجواء التفاهمات التي جرى التوصل إليها مؤخرا في محادثات مدريد ويهدد بتفجير هدنة استمرت ستة أشهر بين أكبر اقتصادين في العالم تأتي الأزمة الجديدة بعد ستة أشهر فقط من هدنة تجارية هشة بين القوتين الاقتصاديتين أبرمت في أعقاب محادثات مدريد في إبريل نيسان الماضي والتي سمحت للطرفين بخفض الرسوم الجمركية مؤقتا واستئناف التبادل التجاري في قطاعات التكنولوجيا والطاقة غير أن هذا التوازن الدقيق بدأ بالاهتزاز مجددا مع إعلان الصين الأسبوع الماضي قيودا على تصدير 12 نوعا من المعادن النادرة بينها الهولميوم والإيتربيوم والثوليوم وهي عناصر تستخدم في صناعات دقيقة تشمل محركات الطائرات والرادارات والسيارات الكهربائية وتعتبر حيوية أيضا لصناعة الشرائح الإلكترونية والذكاء الاصطناعي وبحسب وكالة رويترز فإن الولايات المتحدة استوردت العام الماضي ما قيمته أكثر من 4 5 مليارات دولار من منتجات تعتمد على هذه المعادن ما يجعل القرار الصيني ضربة مباشرة لسلاسل الإمداد الأميركية الحساسة ورد ترامب سريعا ببيان عبر منصة تروث سوشال اتهم فيه بكين بـاحتجاز العالم رهينة عبر التحكم في موارد استراتيجية معلنا أنه سيوقع على قرار فرض رسوم بنسبة 100 على السلع الصينية كافة إلى جانب ضوابط تصدير جديدة على البرمجيات الحساسة قبل الأول من نوفمبر نفاق تجاري في المقابل جاء البيان الصيني الصادر صباح أمس الأحد بمثابة رد مواز في الحجم والنبرة كما وصفته بلومبيرغ فقد اتهمت بكين وزارة التجارة الأميركية بـالنفاق مشيرة إلى أن واشنطن هي من بدأت التصعيد عبر توسيع قائمة الكيانات الصينية المحظورة تجاريا وفرض رسوم موانئ على السفن الصينية في انتهاك للاتفاقات المبرمة وقالت الوزارة إن الإجراءات الأميركية أضرت بشدة بمصالح الصين وأضعفت أجواء المحادثات الاقتصادية الثنائية مؤكدة أن إجراءات التصدير الصينية لا تستهدف الولايات المتحدة أو أي دولة بعينها وإنما تهدف لحماية الاستخدامات المدنية المشروعة ومنع استغلال هذه الموارد في تطبيقات عسكرية وأضاف البيان أن الولايات المتحدة تتحدث عن حرية التجارة بينما تمارس الإكراه الاقتصادي ضد شركائها واصفا خطاب ترامب بأنه تعبير عن ازدواجية المعايير وعدم احترام مبادئ السوق الدولية وعلى عكس ما حدث في جولات سابقة من الصراع التجاري لم تعلن الصين أي رسوم انتقامية جديدة في خطوة فسرت على أنها هدوء استراتيجي مدروس وقالت رويترز إن بكين اختارت الرد السياسي بدل الجمركي إذ اكتفت بالتحذير من أنها ستتخذ إجراءات حازمة إذا لم تصحح الولايات المتحدة مسارها ويرى محللون أن هذا الموقف يهدف إلى إبقاء الباب مفتوحا أمام التفاوض الدبلوماسي وربما إنقاذ القمة المزمعة بين الرئيسين شي جين بينغ وترامب نهاية الشهر الجاري التي باتت مهددة بالتأجيل أو الإلغاء الخط الأحمر الصيني حسب وكالة بلومبيرغ الأميركية رسم الرئيس الصيني شي جين بينغ خطا أحمر واضحا أمام الإدارة الأميركية مؤكدا أن أي توسع جديد في قيود التصدير أو في الإجراءات التقنية التي تستهدف الشركات الصينية سيعد تجاوزا مباشرا لهذا الخط وقالت الوكالة إن هذا الموقف لم يأت في بيان رسمي بل في سلسلة من التوجيهات الداخلية واللقاءات المغلقة مع كبار المسؤولين في الحزب الشيوعي حيث شدد شي على أن السيادة الصناعية للصين ليست قابلة للتفاوض وأن الدفاع عنها يعتبر واجبا وطنيا ووفقا لبلومبيرغ فإن هذا التوجه يشكل تحولا استراتيجيا في خطاب بكين إذ لم تعد ترى الحرب التجارية مع واشنطن مجرد نزاع على الرسوم الجمركية بل معركة لتثبيت حقها في امتلاك التكنولوجيا الفائقة وسلاسل الإنتاج العالمية وأوضحت الوكالة أن الخط الأحمر الذي حدده شي يعني عمليا أن أي محاولة أميركية لإعادة هندسة سوق التكنولوجيا العالمي بما يهمش الدور الصيني ستقابل بإجراءات انتقامية قد تبدأ بتقييد المعادن النادرة وتمتد إلى استهداف شركات أميركية داخل الصين وأشارت بلومبيرغ إلى أن القيادة الصينية أبلغت دوائرها الدبلوماسية والاقتصادية بأن هذا الخط الأحمر ليس شعارا سياسيا بل سياسة دولة رسمية ستطبق بلا تردد فبكين تعتبر أن الدفاع عن استقلالها الصناعي والتكنولوجي بات عنصرا من عناصر أمنها القومي وأن ما يقوم به ترامب من رفع للرسوم الجمركية إلى 100 وتوسيع لقيود التصدير على البرمجيات الحساسة يهدد هذا الاستقلال مباشرة وأكدت الوكالة أن حديث شي جين بينغ عن الخط الأحمر جاء في وقت تزداد فيه الضغوط الداخلية عليه للحفاظ على مكانة الصين الاقتصادية بعد التباطؤ الأخير في النمو لذلك فإن إعلانه هذا الخط لم يكن موجها إلى واشنطن فحسب بل إلى الداخل الصيني أيضا لطمأنة النخب الاقتصادية بأن البلاد لن تتراجع تحت الضغط الأميركي nbsp سلاح ناعم تعتبر المعادن النادرة قلب الصناعات التكنولوجية الحديثة وهي 17 معدنا تستخدم في تصنيع الشرائح الدقيقة والمغناطيسات والمحركات الدقيقة والأنظمة العسكرية وتسيطر الصين وفقا لتقديرات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية على نحو 70 من عمليات التعدين و90 من عمليات المعالجة على مستوى العالم ما يمنحها نفوذا استراتيجيا هائلا في السوق وبحسب بلومبيرغ فإن بكين صدرت في عام 2024 أكثر من 52 ألف طن من المعادن النادرة وحققت عائدات تتجاوز 14 مليار دولار معظمها من دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واليابان ومنذ صيف 2023 بدأت الصين استخدام هذه الورقة الاقتصادية أداة ضغط ناعمة عبر فرض تصاريح مسبقة وإلزام الشركات الأجنبية بالحصول على موافقات لاستخدام المعادن في التطبيقات الصناعية الحساسة وهي سياسة تعتبرها واشنطن أداة ابتزاز اقتصادي بينما تصفها بكين بأنها ممارسة سيادية مشروعة لحماية الأمن القومي