الصين تهدد صناعة أوروبا وقلق على أمن القارة الاقتصادي
٥٩ مشاهدة
تتصاعد المخاوف في أوروبا من زحف المنتجات الصينيةnbsp إلى أسواقها بعدما تحولت الصين من شريك تجاري واعد إلى منافس شرس يهدد الصناعات الأساسية للقارة بما فيها السيارات والأدوية ومع اتساع العجز التجاري بين الكتلتين الاقتصاديتين وتراجع الصادرات الأوروبية تتعالى التحذيرات من خطر استراتيجي قد يضعف مكانة أوروبا الصناعية إذا لم تتخذ خطوات عاجلة وحاسمة وحذر تقرير صادر عن مؤسسة تكنولوجيا المعلومات والابتكار مركز أبحاث وسياسيات مستقل يتخذ من واشنطن مقرا له في 3 أكتوبر تشرين الأول 2025 موجه إلى المفوضية الأوروبية من التهديد المتزايد الذي تمثله الصين للصناعة الأوروبية وأوضح التقرير أن تراجع القدرة التنافسية الأوروبية لم يعد قضية اقتصادية فحسب بل أصبح يحمل بعدا جيوسياسيا خطيرا وأشار إلى أن ضعف مقومات الابتكار في القارة يزيد من هشاشتها أمام المنافس الاستراتيجي للغرب الصين لافتا إلى أن الشركات الأوروبية الكبرى باتت متأخرة عن منافسيها الصينية في قطاعات حيوية مثل السيارات ومعدات الاتصالات وهو ما يضعف الأمن الاقتصادي طويل الأمد لأوروبا وأكد التقرير أن قانون الابتكار الأوروبي رغم أنه حدد بشكل صحيح عددا من العقبات مثل البيئة التنظيمية المعقدة وصعوبة الوصول إلى رأس المال وضعف الدعم للمشاريع في مراحلها المتأخرة إلا أنه ركز بشكل ضيق على منظومة الشركات الناشئة واعتبر أن هذا التركيز المحدود يحجب الرؤية عن القضايا الهيكلية الأعمق التي تقوض القدرة الابتكارية لأوروبا وهو ما يجعل المعالجات الحالية غير كافية لتمكين القارة من مواجهة المنافسة العالمية أو التصدي للاختلالات الاستراتيجية الناجمة عن التقدم السريع للصين المدعومة بسياسات حكومية قوية العجز التجاري وحذر تقرير آخر أصدرته الخدمة البحثية للبرلمان الأوروبي في نشرتها الاقتصادية ربع السنوية الربع الثالث من 2025 في 22 سبتمبر أيلول 2025 من اتساع العجز التجاري للاتحاد الأوروبي مع الصين مشيرا إلى أن هذا العجز تفاقم بفعل الزيادة الحادة في الواردات وتراجع الصادرات الأوروبية إلى السوق الصينية وأوضح أن هذه التطورات تأتي ضمن اتجاه أوسع لتباعد موازين التجارة الخارجية حيث يواصل الاتحاد تحقيق فائض مع الولايات المتحدة مقابل عجز متزايد مع الصين وفي التجارة أبرز التقرير أن العجز مع الصين يتعمق إذ ترتفع الواردات بمعدلات مضاعفة بسبب انخفاض أسعار السلع والطلب القوي من الصناعة الأوروبية إضافة إلى اتجاهات هيكلية طويلة الأمد في حين استمرت الصادرات الأوروبية نحو الصين في الانخفاض وكشف التقرير بلوغ العجز التجاري للاتحاد الأوروبي مع الصين مستوى قياسيا قدر بـ 305 8 مليارات يورو في عام 2024 كما أشار إلى أن الرسوم الجمركية الأميركية على الصين يرجح أن تعجل هذه الاتجاهات مع تقديرات بأن إعادة توجيه الصادرات الصينية قد ترفع واردات منطقة اليورو بنسبة تتراوح بين 7 إلى 10 بحلول 2026 الأمر الذي سيزيد من اختلالات التجارة وإن كان من شأنه أن يخفف التضخم بشكل طفيف وفق ما ورد في القسم المخصص للتضخم ولفت التقرير إلى أن الاتحاد الأوروبي بدأ بالفعل اعتماد إجراءات لمكافحة الإغراق الصيني وخلص إلى أن مسارات تجارة السلع الأوروبية مع الشريكين الرئيسيين الولايات المتحدة والصين باتت متباينة بوضوح فالفائض مع واشنطن في نمو مستمر بينما يتسع العجز مع بكين بشكل حاد بما يكشف في الوقت نفسه عن فرص وعن نقاط ضعف في الوضع التجاري الخارجي للاتحاد وسجل التقرير في قسم الناتج المحلي أن آفاق الصناعة الأوروبية تواجه رياحا معاكسة قوية قادمة من الولايات المتحدة والصين وذلك في ظل مؤشرات حالية ضعيفة نسبيا واستقرار التضخم بالقرب من هدف البنك المركزي الأوروبي إعادة التوزان ومنذ مطلع الألفية ينظر الاتحاد الأوروبي إلى الصين كسوق رئيسية لسلعه المصنعة عالية القيمة غير أن الميزان تبدل سريعا مع اتساع العجز التجاري واعتبرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في ختام القمة الـ 25 بين الاتحاد الأوروبي والصين في 24 يوليو تموز 2025 أن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين بلغت نقطة انعطاف مؤكدة الحاجة إلى إعادة توازن يقوم على الإنصاف والمعاملة بالمثل وطلبت بروكسل بعد الاجتماع بإحراز تقدم ملموس في قضايا النفاذ إلى السوق الصينية مثل اللحوم ومستحضرات التجميل والأدوية ووقف إجراءات الدفاع التجاري الانتقامية ضد الصادرات الأوروبية كما نبهت إلى الأثر السلبي لقيود التصدير الصينية على العناصر الأرضية النادرة والمغناطيسات الدائمة ودعت إلى رفعها بالتوازي مع اتفاق على بيان مشترك بشأن المناخ في المقابل دعا الرئيس الصيني شي جين بينغ قادة الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ القرار الاستراتيجي الصحيح وحث على التعامل السليم مع الخلافات والاحتكاكات وتغليب الاستقرار واليقين في العلاقات مع تأكيد مطالبته باحترام مسار الصين ومصالحها الأساسية الحل في الرسوم هذه النتائج لم تترجم فيما بعد على الأرض إذ تحركت المفوضية الأوروبية بسلسلة إجراءات تجارية حديثة ضد الواردات غير العادلة من الصين لتعلن في 23 سبتمبر أيلول 2025 عن فرض رسوم نهائية لمكافحة الإغراق على واردات حمض الغليوكسيليك حمض عضوي وسيط يستخدم في الصناعات الدوائية والعطور والكيماويات المتخصصة القادمة من الصين تتراوح بين 29 2 و124 9 وفي 6 أغسطس آب 2025 فرضت رسوم لمكافحة الإغراق على واردات ورق الديكور القادمة من الصين بنسب بين 26 4 و26 9 وفي 28 يوليو تموز 2025 فرضت رسوما لمكافحة الإغراق على واردات راتنجات الإيبوكسي تستخدم في المواد اللاصقة والطلاءات والمركبات والأجهزة الكهربائية المستوردة من الصين بنسب ما بين 17 3 إلى 33 في مسعى لحماية الصناعة الأوروبية من ممارسات تسعيرية غير عادلة وأعلنت المفوضية الأوروبية في 24 يناير كانون الثاني 2025 عن تمديد الرسوم المفروضة على واردات الدراجات الكهربائية القادمة من الصين لخمسة أعوام إضافية وتشمل رسوما لمكافحة الإغراق بنطاق يتراوح ما بين 10 3 إلى 70 1 ورسوما لمكافحة الدعم بنطاق 3 9 إلى 17 2 وأوضحت أن الاستمرار بهذه الإجراءات ضروري لصون استدامة قطاع الدراجات الكهربائية في الاتحاد الأوروبي ودعمه على المدى الطويل قيود وتسييس واجتمعت أورسولا فون ديرلاين مع رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ في 24 سبتمبر أيلول 2025 في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة وذلك في ظرف حساس يطغى عليه التوتر التجاري بين الجانبين وأكد لي تشيانغ خلال اللقاء أن بلاده تأمل أن يلتزم الاتحاد الأوروبي بفتح الأسواق والتعامل بشفافية وتعزيز التعاون الثنائي مضيفا أن على الجانبين تجنب تسييس القضايا الاقتصادية والتجارية أو استخدامها كأدوات ضغط وأوضح أن الصين تعتبر التعاون مع الاتحاد الأوروبي خيارا استراتيجيا يخدم الاستقرار العالمي في ظل التوتر التجاري المتصاعد بدورها شددت فون ديرلاين على أن الاتحاد الأوروبي لا يزال يحمل مخاوف جدية تتعلق بالقيود الصينية على الصادرات وصعوبة وصول الشركات الأوروبية إلى السوق الصيني بالإضافة إلى فرط الطاقة الإنتاجية الذي يهدد الصناعة الأوروبية وأضافت أن الاتحاد يريد أن يرى خطوات ملموسة على أرض الواقع لأن الوقت قد حان للانتقال من الأقوال إلى الأفعال كما أوضحت أن أوروبا منفتحة على الحوار والتعاون مع الصين لكنها في الوقت نفسه لن تتردد في اتخاذ ما يلزم لحماية صناعاتها إذا ثبت وجود ممارسات غير عادلة أمام هذا المشهد تبدو العلاقة الاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي والصين عند منعطف واضح إذ تظهر الوقائع أن العلاقة الاقتصادية بين الطرفين تمر بمرحلة إعادة توازن في انتظار اتضاح المسارات وفق ما تسفر عنه المفاوضات والقضايا لدى منظمة التجارة العالمية