أرونداتي روي سيرة قساوة أم في ملجأي وعاصفتي

٦٢ مشاهدة
تؤكد الكاتبة الهندية أرونداتي روي مع كل كتاب جديد أن الأدب ليس معزولا عن السياسة وأنه الوسيلة الأنجع لفهمها وتفكيكها ومقاومتها صوتها في الدفاع عن الفلسطينيين ورفض الإبادة لا ينفصل عن مشروعها الأدبي والفكري الممتد منذ أكثر من ربع قرن حيث امتزجت الرواية بالمقال السياسي والشهادة الشخصية بالالتزام العام هذا الالتزام يتجلى اليوم في مذكراتها الجديدة ملجأي وعاصفتي التي صدرت ترجمتها الحديثة إلى الإسبانية عن دار ألفوغارا عن النسخة الإنكليزية التي صدرت في مطلع هذا العام وحملت عنوان الأم ماري تأتي إلي يأتي الكتاب بعد عقود من التجربة الروائية والكتابة السياسية ليكشف عن البنية الداخلية التي غذت إبداع روي علاقتها المعقدة بوالدتها ماري روي لكن مع ذلك كله لا يمكن اعتبار الكتاب مجرد سيرة للأم الراحلة ماري روي إنه أولا وقبل كل شيء محاولة لفهم التناقضات التي شكلت حياة الكاتبة ومسيرتها ضمن هذا الإطار من التناقضات تبني الكاتبة الهندية عالمها الأم التي كانت في نظر المجتمع الهندي رمزا للتحرر والإصلاح ـ إذ كسرت القوانين الذكورية عبر معركة قضائية كبرى ضمنت حقوق الإرث للفتيات وأطلقت مدرسة تجريبية في التعليم الحر هي نفسها الأم التي صنعت لطفلتها بيتا مضطربا مليئا بالغضب والعنف والانكسارات طفولة ممزقة تعود روي إلى طفولتها الممزقة وإلى المشاهد التي لم تفارق ذاكرتها مثل إهانات الأم لابنتها أو مقتل كلبها الأليف أو البيت الذي يتحول إلى ساحة صراع وتلتقط كيف انتقلت هذه التجارب إلى أعمالها الروائية بدءا من إله الأشياء الصغيرة 1997 حيث ظهرت العثة الرمادية رمزا للرعب الموروث وصولا إلى وزارة السعادة القصوى 2017 حيث تتشابك السياسة بالهشاشة الإنسانية في الوقت نفسه تعيد الكاتبة قراءة صورة الأم من زاويتين مناضلة تركت أثرا تاريخيا وأم خلفت جروحا غائرة في نفوس أبنائها الأدب ملجأ وعاصفة قد يلخص عنوان النسخة الإسبانية فلسفة الكتاب الأم كانت ملجأ وعاصفة والحياة التي عاشتها روي كانت بدورها هذا المزج المزدوج بين الحماية والانهيار ومن هنا تتحول المذكرات إلى تأمل في طبيعة الأدب ذاته هل الكتابة وسيلة للنجاة من الألم أم استعادته هل هي فعل حب أم فعل مقاومة محاولة لفهم التناقضات التي شكلت حياة الكاتبة ومسيرتها إلى جانب هذه الأسئلة التي تترك معلقة وإلى جانب الطابع الرثائي العام للكتاب والناجم عن موت الأم في عام 2022 تبرز روي في بعض صفحاته أن رثاء الأم هو في حقيقة الأمر بالنسبة لها رثاء لـالموضوع الأدبي الأكبر الذي غذا حياتها هنا تحديدا يتحول الأدب إلى حداد مضاعف وإلى محاولة مستحيلة لإبقاء المفقود مصدر الإلهام حيا ولو بالكلمات تقدم مذاكرات روي نموذجا للكتابة التي لا تنفصل عن تجربة الحياة حيث تتحول الذكريات والصراعات الشخصية إلى مادة أدبية تسمح بفهم الأبعاد الإنسانية والسياسية لنصوص روي وتؤكد على أن الأدب قادر على مواجهة الواقع بكل تناقضاته وتحويل الألم والخسارة إلى رحلة اكتشاف ووعي وهنا تبرع روي في دمج الخاص بالعام فالأم التي تصور كـملجأ وعاصفة ورمزا للعنف والحنان والانكسارات تصبح صدى لمواقف الكاتبة في قضايا كبرى مثل فلسطين حيث يجتمع الألم والمقاومة والرغبة في إنقاذ ما يمكن إنقاذه في عالم يعيش إبادة لا تتوقف إنها مذكرات تدعو للحب وهي مذكرات تستحضر الأشخاص الذين نحبهم من أجل شيء واحد لا غير المقاومة مقاومة كل أشكال الألم والعنف والرعب والانكسارات والإبادات

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2025 أحداث العالم