المدن ليست جدرانا وشوارع

٧ مشاهدات

المدن ليست جدراناً وشوارع

مدونات

حسن قديم

/> حسن قديم صحافي مغربي، باحث في سلك الدكتوراه في العلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله. 03 أكتوبر 2025 + الخط -

لم يخطر بباله يوماً أن يغادر الدار البيضاء، تلك المدينة التي أحبها كما تحب الفوضى الأولى في حياة المرء. كان يرى فيها انعكاساً لحلمه، امتداداً لأحاديثه الصاخبة، وشوارعها كانت كأنها تعرفه واحداً واحداً؛ من مقاهيها العتيقة إلى أزقتها الشعبية، من ضجيج الأسواق إلى رصيف البحر الممتد حيث كان يلجأ كلما أراد أن يختلي بنفسه أو أن يكتب مقالاته بعيداً عن العيون.

أما الرباط، فلم تكن في ذهنه سوى العاصمة الرسمية، الباردة، المحايدة. يصفها لأصدقائه بنصف ابتسامة ساخرة: المدينة التي لا تنام، لأن لا أحد أيقظها أصلاً. كان يراها موطن الموظفين والوزارات وربطات العنق، مدينة بلا قلب ولا شغف، تمر فيها الأيام كما تمر الملفات فوق المكاتب، دون دهشة أو مفاجآت.

لكن العمل في الصحافة لا يعترف بالعواطف، ولا بميل القلب للمدن. جاءت الفرصة واضطر أن ينتقل إلى الرباط ليتابع مشروعاً صحافياً جديداً، تطلب منه أن يكون قريباً من دوائر القرار، من الوزارات والمؤسسات، من مصادر الأخبار التي تصنع الحدث قبل أن يعلن عنه.

في البداية، قاوم التغيير بصمت. استقر في شقة صغيرة وسط المدينة، وبدأ يرتب حياته على إيقاع جديد. لم يكن مرتاحاً، لكنه أقنع نفسه بأن الأمر مؤقت، وأن البيضاء ستبقى دوماً البيت الأول الذي يعود إليه نهاية الأسبوع أو كلما سنحت له الفرصة بذلك.

مرّت الأسابيع الأولى ثقيلة، كأنها لا تنقضي. كان يقضي نهاراته بين الاجتماعات والتغطيات واللقاءات الصحافية، ويقضي ليله يتمشى بلا هدف في الشوارع التي لم يألفها بعد. أحيانًا يجلس في مقهى صغير، يتأمل المارة ويحاول أن يكتب، لكنه لم يكن يجد ما يكفي من الدفء في المدينة ليكتب عنها، أو فيها.

إلى أن جاء مساء مختلف

كان جالساً في الحديقة القريبة من مسرح محمد الخامس، حين اقتربت منه فتاة وسألته عن الوقت. كانت الساعة

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2025 أحداث العالم