عائلات سورية تتمسك باقتناء الذهب رغم الأزمات المعيشية
٩ مشاهدات
لم يعد ارتفاع أسعار الذهب في سورية حدثا استثنائيا أو خبرا عابرا بل أصبح جزءا من يوميات الناس حيث يتابع السوريون نشرات الأسعار المتقلبة وكأنها نشرة طقس تحدد مصير مشاريعهم وأحلامهم ففي كل يوم يكسر الغرام رقما جديدا ما جعل الذهب الذي كان يوما رمزا للزينة والادخار يتحول إلى عبء ثقيل يرهق المقبلين على الزواج ويضعهم أمام مأزق اجتماعي واقتصادي متشابك وخلال أقل من شهرين ارتفع سعر غرام الذهب عيار 21 من 90 دولارا إلى 108 بينما ارتفع سعر غرام الذهب عيار 18 من 75 دولارا إلى 93 دولارا وارتفعت أسعار الذهب في السوق السورية المحلية 35 ألف ليرة سورية عن السعر الذي سجله أول أمس وهو مليون و195 ألف ليرة للغرام عيار 21 قيراطا وتشير تقديرات خبراء السوق إلى أن تكلفة شبكة متواضعة سوار خاتم طقم صغير لم تعد تقل عن 4 آلاف دولار تقريبا وهو مبلغ يفوق متوسط الدخل السنوي لمعظم الموظفين السوريين ارتفاع جنوني لأسعار الذهب الارتفاع الجنوني في أسعار الذهب خلال الفترة الأخيرة وضع المقبلين على الزواج أمام معضلة صعبة إذ بات تأمين شبكة العروس عبئا لا يقل ثقلا عن تكاليف السكن والمهر وحفلات الزواج ورغم ذلك ما زالت عائلات تتمسك بتقليد شراء الذهب وترى راميا الياسر وهي والدة عروس من دمشق أن الفارق بين جيل الأمس واليوم كبير جدا في جيلنا كان الذهب متاحا وكانت الشبكة تعتبر من أساسيات الزواج ولا أحد كان يفكر في الاستغناء عنها أما اليوم فتغيرت الأمور تماما نحن الأهالي مضطرون إلى تخفيف الطلبات على الشباب وإلا فستبقى البنات في بيوتهن بلا زواج إذ لم يعد من المعقول أن نطلب من شاب لا يكاد يؤمن مصاريفه أن يشتري شبكة بآلاف الدولارات وتشير الياسر إلى أن بعض العائلات ما زالت متمسكة بعاداتها القديمة رغم الظروف ما يعرقل ارتباط بناتها وتقول للأسف هناك من يصر على الشبكة الكاملة حتى لو كان العريس غير قادر وكأنهم لم يدركوا أن الزمن تغير والنتيجة أن الكثير من الشباب يعزفون عن الزواج أو يضطرون إلى الاستدانة وهذا أمر مرهق للجميع وفي المقابل قال محمد الخلف شاب من ريف حماه يستعد للزواج إنه كان يتمنى أن يقدم لعروسه طقما من الذهب يليق بها لكنه اصطدم بواقع الأسعار الخيالية التي تجاوزت قدرته بينما كل ما استطاع توفيره هو خاتم بسيط بعدما أخبر أهل خطيبته صراحة أن إمكانياته لم تعد تسمح بأكثر من ذلك ويضيف الخلف لـالعربي الجديد أن الزواج بات مسؤولية ثقيلة حتى قبل أن يبدأ وكثيرا من أصدقائه اضطروا إلى تأجيل مشروع الزواج أو الاستدانة من الأقارب لتأمين الشبكة ويؤكد أن المسألة لم تعد مرتبطة برغبة الشاب فقط بل بمدى تفهم أهل العروس للظروف معتبرا أن الأوضاع الحالية دفعت العائلات إلى مراجعة عاداتها وإن كان ذلك على مضض أعباء الشبكة الذهبية من جانبه أوضح الخبير الاقتصادي سامي الخطيب أن أسعار الذهب عالميا أصبحت مرشحة للتقلب أكثر من أي وقت مضى وأي تحرك مفاجئ في السياسات النقدية أو الأسواق المالية الدولية ينعكس فورا على الأسعار وأما ما يخص سورية فإن هذه الارتفاعات العالمية تتضافر مع انهيار الليرة وارتفاع كلفة الاستيراد وضعف المعروض من الذهب المستورد نتيجة القيود على الاستيراد والعقوبات الاقتصادية ما زاد من حدة المشكلة وجعل الذهب المحلي أعلى بكثير من متوسط السعر العالمي ويتابع الخطيب لـالعربي الجديد أن ارتفاع أسعار مواد الطاقة وكلفة النقل داخل البلاد أسهم أيضا في رفع أسعار الذهب إضافة إلى زيادة الطلب على المعدن ملاذا آمنا للادخار في ظل تآكل قيمة العملة المحلية ويعتبر الخطيب أن الجانب الأخطر يتجاوز العوامل الاقتصادية إلى ما هو اجتماعي إذ لا يزال العرف السائد يحمل الشباب المقبلين على الزواج أعباء كبيرة من خلال الإصرار على الشبكة الذهبية حتى لو كانت الظروف المعيشية قاسية ويرى أن الحل لا يكمن فقط في ضبط الأسعار أو استقرار الليرة بل في إعادة صياغة العادات الاجتماعية بما يتناسب مع الواقع الحالي الصعب وإلا فسيبقى الزواج عند آلاف الشباب حلما بعيد المنال