في رواية أنا الأعلى دار سرد وممدوح عدوان 2023 للروائي أوغستوا روا باستوس يخلط بطل الرواية التاريخ بالخيال بالأسطورة يكتب بسام البزاز مترجم الرواية في المقدمة أن هذا الخلط من قبل الدكتاتور إنما يعود إلى حرصه على الأبدية ولهذا فهو لا ينقل حقائق بل يخلقها وهذا هو الإجراء الذي تنفذه كل سلطة مستبدة طوال التاريخ خلق حقائق أخرى بصرف النظر عما إذا كانت صادقة أم كاذبة nbsp السؤال الآن هو هل يكذب الروائي أم تكذب الرواية لا أقصد رواية أنا الأعلى بل أي رواية كل المداخلات والأبحاث وكل الروائيين في التاريخ العالمي يميلون إلى القول إن الرواية فقط هي التي تقول الحقيقة فالرواية منذ نشأتها كان بطلها الإنسان العادي لا البطل الأسطوري ولا الملك ولا الأمير ولا الرئيس فهؤلاء يكذبون في تسجيل تواريخهم البطولة في الرواية هي بطولة الأخلاقي والنزيه والمستقيم والمدافع عن القيم الحقيقية لكل البشر وحين تعيد كتابة أي تاريخ إنما تبحث عن الجوهري الذي يمضي بالإنسان إلى الوحدة مع النزعة الإنسانية عموما بحيث يدافع عن البشر من دون أن يلتزم بالهويات nbsp يمكن توسيع نطاق البحث والكلام والنقاش والدراسة في هذا الباب دائما لكثرة ما يتوسع المعنى ويتردد في العالم الواقعي أو في الممارسة العملية لكل من الروائي والمفكر والمؤرخ والصحافي والسياسي بحيث يصبح من الممكن لنا أن نتجاوز العبارة المباشرة التي تشير إلى النوع الأدبي الذي نطلق عليه اسم الرواية ونذهب في اتجاه كل رواية أو كل خبر nbsp الرواية منذ نشأتها كان بطلها الإنسان العادي لا البطل الأسطوري وقد يفرض مثل هذا الأمر نفسه حين يتأمل المرء أشكال رواية الخبر الحالي أو الخبر الماضي على أسماع الجمهور أو في الكتب أو الوثائق المكتوبة يكفي أن يقتطع الصحافي حقائق أو وقائع من الخبر يخفيها ويهملها ويقدم وقائع أخرى وحيدة كي تبدو أنها هي الخبر الوحيد الحقيقي كأن تكتب صحافية قائلة إن السويداء تعرضت لهجوم غير محسوب العواقب من قبل قوات عشائرية موالية للحكومة بينما تقول الوقائع والفيديو والصورة التي قدمها الجنود أنفسهم أن الجيش السوري وقوات الأمن هم من نفذ الهجوم الأول وفزعت لهم فيما بعد قوات عشائرية تحاول الصحافية إخفاء التاريخ اليومي كي تمنعه من أن يصبح تاريخا مكتوبا nbsp ولكن ماذا لو وجدنا روايات ينحاز كتابها إلى الهويات القاتلة كما حددها أمين معلوف تقول الوقائع السورية على الأقل نعم إن مثل ذلك يحدث فعلا فكثير من الكتاب السوريين خاصة في ظل nbsp الحروب الأهلية والدينية والطائفية التي تعم منطقة الشرق الأوسط وسورية انحازوا إلى جانب القاتل وقدموا آراء للدفاع عن سياسته قد لا يستطيع الروائي أو الكاتب عامة أن يخرج من عالم الانحياز في الرأي فهو مواطن ومنحاز بالضرورة بينما تظهر عيوبه اللاإنسانية حين يمكن أن يجند الرواية لتصفية الحسابات الطائفية أو الأيديولوجية أو الحزبية أو الشخصية لم يثبت تاريخ الرواية أن بوسع الروائي أن يكتب جيدا بينما ينحاز النص إلى الشر أو يخلط الحقائق بقصد تبرئة قاتل أو تجريم البريء nbsp روائي من سورية