مخلفات الحرب في أعماق البحر ملاذا لكائناته

١٥ مشاهدة
في مشهد يبدو للوهلة الأولى متناقضا كشفت دراسة علمية حديثة أن الذخائر الغارقة منذ الحرب العالمية الثانية في قاع بحر البلطيق أصبحت ملاذا غنيا بالكائنات البحرية يفوق في تنوعه وحيويته الرواسب المحيطة به الباحثون الذين استخدموا غواصة آلية لاستكشاف قاع خليج لوبيك بألمانيا وجدوا أن الأسطح المعدنية الصلبة لرؤوس صواريخ V 1 القديمة تستضيف نحو 43 ألف كائن حي لكل متر مربع مقارنة بـ8 آلاف و200 كائن فقط على الرواسب الطبيعية المحيطة المفاجأة الأكبر أن هذه الحياة البحرية النشطة ظهرت رغم وجود تركيزات عالية من المواد المتفجرة السامة تراوحت بين 30 نانوغراما و2 7 ملليغرام لكل ليتر من الماء وهي مستويات قد تكون قاتلة لبعض الأنواع ومع ذلك شوهدت شقائق البحر والسرطانات ونجمات البحر وهي تتخذ من الأغلفة المعدنية والفراغات حول الصواعق بيوتا لها بينما تجنبت فقط المواضع التي انكشف فيها المتفجر وفقا للدراسة التي نشرت يوم 25 سبتمبر أيلول الماضي في مجلة Communications Earth amp Environment يرجع الباحثون هذه الظاهرة إلى ندرة الأسطح الصلبة في قاع البلطيق إذ توفر الشقوق والتعرجات في هذه الذخائر أماكن مثالية للتشبث والاختباء والحصول على الغذاء يقول المؤلف الرئيسي للدراسة أندريه فيدينين Andrey Vedenin الباحث في علم الأحياء البحرية في جامعة أولدنبورغ الألمانية إن المستويات العالية من التعرض الكيميائي لم تمنع قيام مجتمع بحري كثيف حول هذه البنى المعدنية بل على العكس أصبحت موئلا مستديما للحياة على بعد سنتيمترات من المتفجرات يضيف فيدينين في تصريح لـالعربي الجديد أن إغراق الذخائر والسفن كان ممارسة شائعة قبل توقيع اتفاقية لندن عام 1972 التي حظرت تلويث البحار وتشير التقديرات إلى أن نحو 1 6 مليون طن من الذخائر لا تزال غارقة في المياه الألمانية وحدها ولهذا السبب يقترح الفريق خطة تدريجية لإزالة مصادر الخطر الكيميائي مع إنشاء هياكل صناعية آمنة مثل الشعاب الاصطناعية التي تحافظ على الكتلة الأحيائية وتتيح نقلها تدريجيا إلى بيئات أكثر أمانا مع مرور الوقت لم يقتصر الأمر على الكائنات الصغيرة فقد تراكم الطمي داخل هياكل السفن الغارقة ليشكل جزرا صغيرة نمت عليها نباتات كثيفة وأصبحت موائل لطيور مثل العقاب السماك تحت سطح الماء استغل الحفش الأطلسي المهدد بالانقراض هذه البنى مناطق غذاء وحضانة يقول الباحث إن السفن الغارقة أصبحت جزءا لا يتجزأ من بيئة المنطقة فهي لا تحمل قيمة ثقافية وتاريخية فحسب بل توفر موارد بيئية مهمة لمجموعة واسعة من الأنواع ساعدت هذه الهياكل على تقليل التعرية وزيادة الترسيب ما أسفر عن نشوء أراض رطبة ومساحات مائية غنية تستضيف طيفا واسعا من الطيور والأسماك والزواحف والبرمائيات وتشير الدراسة إلى قاعدة بيئية بسيطة مفادها أن في قيعان فقيرة بالبنية يحدث السطح الصلب المتمثل في أسطح السفن والمعدات العسكرية فارقا هائلا فمن غلاف قنبلة صدئ إلى بقايا سفينة يمكن لأي بنية أن تطلق سلسلة حياة تبدأ من اللافقاريات الدقيقة وتنتهي بالأسماك والطيور لكن هذه الصورة ليست وردية تماما فمع مرور الزمن قد يؤدي تآكل المعادن إلى إطلاق متفجرات وزيوت ومعادن ثقيلة في الماء ما يشكل تهديدا صحيا وبيئيا للكائنات البحرية والبشر على حد سواء لتقليل هذه المخاطر يقترح الباحثون نهجا متدرجا ومتوازنا يعتمد على المراقبة طويلة الأمد لجودة المياه ومستويات السميات باستخدام أدوات الاستشعار من بعد والخرائط الجوية إلى جانب إزالة مدروسة لأكثر البؤر خطورة مع إنشاء شعاب اصطناعية تحافظ على التوازن البيئي وتتيح نقل الكائنات تدريجيا إلى بيئات أكثر أمانا يشمل هذا النهج دمج البعد الثقافي عبر برامج تعليمية وسياحة بيئية منخفضة الأثر تسهم في تمويل أعمال الصيانة والحماية تختلف الأولويات بحسب الموقع ففي خليج لوبيك مثلا قد تكون الخطوة الأولى هي تقليل مخاطر التسرب مع توفير بدائل صلبة للكائنات القاعية بينما في خليج مالوز في الولايات المتحدة على سبيل المثال حيث يتكون نظام بيئي متكامل فوق الماء وتحته قد يكون الخيار الأنسب هو الاكتفاء بالإدارة والرصد المستمر بدلا من الإزالة الكاملة

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2025 أحداث العالم