مائة عام من العزلة فائض التاريخ العربي

٥٨ مشاهدة

مائة عام من العزلة... فائض التاريخ العربي

زوايا

سمر يزبك

/> سمر يزبك كاتبة وروائية وإعلامية سورية 23 سبتمبر 2025 alt="(سعاد العطار)"/>

(سعاد العطّار)

+ الخط -

ليست الخيبة في العالم العربي حدثاً عابراً، بقدر ما تبدو خيطاً طويلاً متّصلاً ينساب عبر القرون، يتلوّن بأسماء السلاطين والأنظمة والأحزاب، لكنّه يظلّ ثابتاً في جوهره. أجيال متعاقبة تستيقظ على الوعد بالنهضة، وتنام على وقع الانكسار، وكأنّ التاريخ لم يُصَغ في هيئة خطّ مفتوح، بل في هيئة دائرة مغلقة تعيد إنتاج ذاتها. هذه الصورة المأساوية تستدعي إلى الذاكرة رواية مائة عام من العزلة، إذ تتحوّل سيرة عائلة بوينديا إلى استعارة للانحباس في قدرٍ أبدي، تتكرّر فيه الأسماء والأخطاء والخيبات، حتى يبدو الزمن معطوباً. وإذا كانت ماكوندو، البلدة المعزولة، تجسّد عزلة أسرة وبلد، فإن العالم العربي بأسره يعيش عزلةً أشمل: عزلة عن المستقبل، وعزلة عن نفسه أيضاً. من هنا تنفتح المقارنة بين النصّ الروائي والواقع العربي، بوصفهما تجربتَين مشدودتَين إلى التاريخ، لا باعتباره ذاكرة خصبة، بل باعتباره لعنةً مستمرّة. فما يميز كلّاً من ماكوندو والعالم العربي ليس غياب التاريخ، بل فائضه؛ تاريخ مثقل بالدم والهزائم والوعود المنكوبة، لا يتحرّك إلى الأمام بقدر ما يعيد نسخ ذاته في صورة حلقات متكرّرة. وهنا يتبدّى المحور الأول للمقارنة: التاريخ دائرةً مغلقةً، فلا يتعاقب الزمن بوصفه تقدّماً، فتجد الأجيال الجديدة نفسها تعيش خيبات الأجداد وكأنها مكتوبة سلفاً في الأسماء والذاكرة.
لم يكن تكرار الأسماء داخل أسرة بوينديا مجرّد تفصيل روائي، بل كان إعلان مصيدة قدرية؛ يولد الأبناء محمّلين بظلال أسلافهم، ويعيدون أخطاءهم كما لو أنّ الزمن لا يعرف سوى إعادة إنتاج ذاته. فالتاريخ هناك لا يتسع ليشكّل خطاً مفتوحاً على احتمالات جديدة، بل ينكمش في دائرة تنتهي دوماً حيث بدأت. بهذا المعنى تماماً يمكن النظر إلى التجربة العربية الحديثة بوصفها تكراراً مأساوياً لتلك الدائرة. منذ سقوط مشروع النهضة في نهايات القرن التاسع عشر، مروراً بنكبة فلسطين ونكسة 1967، وصولاً إلى موجة الثورات والانتفاضات في العقد الماضي، ظلّت المنطقة

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2025 أحداث العالم