القيروان وجه آخر للمدينة المقدسة
القيروان.. وجه آخر للمدينة المقدسة
آداب تونس /> أمين الحرشاني أمين الحرشاني: كاتب وباحث من تونس. 17 سبتمبر 2025 احتفالية المولد النبوي في مسجد عقبة بن نافع بالقيروان، تونس، 14 سبتمبر/ أيلول 2024 (Getty) + الخط -في السنوات الأخيرة، أمسى من المعتاد أن تحظى القيروان بتغطية إعلامية تتزامن مع الاحتفالات بالمولد النبوي، باعتبارها المدينة الأكثر رمزية والحاملة لشحنة دينية مميّزة، ولكونها أقدم مدينة أسّسها المسلمون ليس في تونس فحسب، إنما في كامل المجال المغاربي. هذه السنة، تأجج النقاش حول هوية الحاضرة وتاريخها ومكانتها الراهنة، إذ يجري التسويق للمدينة اليوم عبر جملة من السياسات الثقافية والسياحية والعلمية، باعتبارها المركز الديني للإسلام السني المالكي والقلب الروحي للبلاد. أما بالنسبة لجزء من مثقفي المدينة، تمثل المناسبات الدينية وتناولها في وسائل الإعلامية، تواصلاً لهذه السياسة التي لا تقتصر على الدولة الحديثة، بل تعود جذورها إلى قرون مضت، وكانت ضريبتها تهميش القيروان بما تمثله من مركز ثقافي متعدد الأبعاد لصالح حصرها في كونها فضاءً للروحانيات والتوظيف الديني الفلكلوري فحسب.
تمثّل الحياة الثقافية جوهر هذه الإشكالية، إذ أدى اختزال المدينة في شعار رابعة ثلاث، أي رابع مدينة مقدسة في الإسلام بعد مكة والمدينة والقدس، إلى إضفاء هالة من التقديس، يطمس حقيقة الطابع الدنيوي للقيروان التاريخية، التي لم تكن موطناً للمتصوفة والزّهاد فحسب، بل معقلاً لصراع بين تيارات ومذاهب فكرية متعدّدة، على غرار التشيّع الإسماعيلي وحركة الخوارج بل والمعتزلة مع شخصية مثل سليمان بن حفص وغيره، خلال مرحلة لافتة من الصراع الفكري. وبالرغم من صدور أعمال مهمة على غرار الصراع اللاهوتي في القيروان زمن الأغالبة (2017) لمحمد الطالبي، إلّا أن الاهتمام بهذا الجانب، بقي ثانوياً لصالح سردية واحدة حول الإسلام القيرواني السني، لا مكان فيها لتعدّدية مكونات المدينة، التي لم تقتصر على العرب المسلمين، بل شملت أعراقاً أخرى مثل الأمازيغ والرومان ومكونات دينية مسيحية ويهودية. وفي نفس السياق، لا مكان ضمن هذه السردية لأسماء ومنجزات قيروانية دنيوية بحتة على غرار كتاب لأشهر مؤرخيها القدامى،
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على