خطواتنا الخاصة بعيدا عن المقارنة

٦ مشاهدات
تم النشر في:

نجلس أحياناً أمام شاشة الهاتف، نتصفح صوراً وحكايات لأشخاص لا نعرفهم إلا بقدر ما يختارون أن يظهروا لنا. نرى بيوتهم المرتبة، رحلاتهم المبهرة، ابتساماتهم التي لا تفارق وجوههم، فنلتفت إلى حياتنا اليومية لنقيسها بتلك الصور. في لحظة عابرة قد نشعر أن كل ما نملكه لا يكفي، وأننا دائماً أقل من الآخرين.

هذا الميل البشري لم يأتِ من فراغ، فقد أطلق علم النفس عليه اسم المقارنة الذاتية. وتناول العالم ليون فستنجر هذه النزعة في نظريته عن المقارنة الاجتماعية عام 1954، موضحاً أنها عملية عقلية – أحياناً لا واعية – نقيس فيها أنفسنا بغيرنا لنحدد قيمتنا أو موقعنا بينهم. ورغم أنها سلوك طبيعي في بعض المواقف، إلا أنها تتحول إلى عبء حين تصبح عادة تسرق رضا الإنسان عن ذاته.

ومع ذلك، فإن هذه النزعة قد تكون سلاحاً ذا حدين: فهي قد تمنحنا دافعاً للنمو أحياناً، لكنها قد تسلب طمأنينتنا أحياناً أخرى. الفارق كله يكمن في نبرة الحوار الداخلي، فالمقارنة الإيجابية تهمس: أستطيع أن أتعلم وأتطور، بينما السلبية تقول: لن أصل أبداً . الأولى تُثمر طموحاً وتفتح أبواباً جديدة، أما الثانية فتغلق الأفق وتزرع بذور القلق وعدم الرضا.

ومع اتساع حضور وسائل التواصل في تفاصيل حياتنا، تضاعفت هذه النزعة لتصبح أكثر إلحاحاً. فما يُعرض أمامنا ليس حياة حقيقية كاملة، بل مشاهد منتقاة بعناية، لحظات فرح ونجاح تخفي وراءها ساعات من التعب والتحديات. غير أن أعيننا حين تنشغل بالمظاهر، تنسى أن الصورة لا تحمل القصة كاملة، وأن الكمال ليس إلا وهماً بصرياً.

هذا ما يجعل الأثر النفسي للمقارنات المستمرة أعمق مما نتصور؛ فهي لا تضعف فقط تقديرنا لذواتنا، بل قد تفتح أبواب القلق والاكتئاب، وتغذي شعور العجز المتعلَّم، وهو ذلك الإحساس بالاستسلام وفقدان الحافز حين يقتنع الإنسان أن جهده لن يُغيّر شيئاً. وهكذا تتحول المقارنة من وسيلة لفهم الذات إلى قيود تخنقها.

وتزداد خطورة هذه النزعة حين نضعها في سياق العمر. فالمراهقون، في سعيهم لتكوين هويتهم،

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع سبق لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2025 أحداث العالم