دمشق بيضاء لا كدر يشوب صفاءها

٥٣ مشاهدة

دمشق... بيضاء لا كدر يشوب صفاءها

مدونات

خالد منير امقيدح

/> خالد منير امقيدح مهندس سوري مقيم في المملكة المتحدة، وباحث مهتم بالشأن السوري والتحولات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، يركز في كتاباته على قضايا المرحلة الانتقالية، وإعادة بناء الدولة، والعلاقات الإقليمية في سياقات ما بعد الصراع. 24 اغسطس 2025 + الخط -

بيضاء لا كدر يشوب صفاؤها…

هكذا تبدو دمشق في عيني، طاهرةً من غبار الزمن، نقيّةً من أوجاع الغياب، حاضرةً في الوجدان، وإن غابت عن الأقدام. ما أقسى أن يطول الفراق، وما أبهى أن يبقى الشوق حيّاً يطرق القلب كلّ فجر، يستعيد رائحة الياسمين ووجوه الأحبّة، كأن الزمن لم يمضِ.

منذ أن غادرتها، لم تبرحني لحظة. تغيب كأنها تُرغَم، وتأتيني خلسةً في كلّ ليلةٍ، تسكنني من دون استئذان. دمشق ليست مدينة عابرة، بل معشوقة فاتنة، تكتسي قداسة الأرض وبراءة الروح. إليها أعود في كلّ حرف، وفي كلّ دمعة، وفي كل دعاءٍ يتعانق مع سماء بعيدة، لعلّها تحملني ذات يوم إلى حضنها من جديد.

لا تفتأ تعود إلى ذاكرتي قسراً مع كلّ صباح، تحرّكها أغاني فيروز التي تنساب مع أوّل رشفةٍ من فنجان قهوتي. كان صوتها يُعيدني دائماً إلى الأزقة القديمة، إلى حجارة الشام التي تحمل عبق التاريخ، وإلى وجوهٍ تركتها هناك تنتظر. كلّ صباحٍ كان طقساً صغيراً من الحنين، كأنني أجرّب العودة مراراً في الخيال قبل أن يمنّ عليّ القدر بفرصة اللقاء.

ما إن لامست عجلات الطائرة أرض دمشق، حتى شعرت أنّني ولدت من جديد. نزلت بخطواتٍ مُثقلة بالشوق، وحين وطئت قدماي ترابها انحنيت مقبّلاً الأرض، فانهمرت دموعي كغيثٍ طال انتظاره. في تلك اللحظة أدركت أنّني عدت، وأنّ الغياب انتهى، وأنّ كلّ لحظة كنت أترقب فيها العودة كانت مجرّد بروفة لهذه اللحظة العظيمة.

كلُ نافذةٍ خشبية تهمس باسم غائب، وكلُ نسمة ياسمين تُعيد إلى القلب دفئه الأول

لم يكن أمامي بعد عودتي سوى طريق واحد يقودني إلى قلبي؛ المسجد الأموي. هناك، حيث تختصر دمشق روحها في حجارةٍ عتيقة

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2025 أحداث العالم