أمطار الفضيحة بجلاجل

بقلم / علي سيقلي
اليوم نزل المطر، والناس كالعاده فرحوا وقالوا: “اللهم اجعلها سقيا خير”.
لكن الخير عندنا يشبه صلاة الإستسقاء ويختفي إيماننا أول ما يغسل الماء عيوبنا.
المطر نزل، والسماء أعطتنا غسيل مجاني، لكن بدلا من أن تغسل قلوبنا، غسلت واجهات منازلنا، كشفت “سقف الصفيح” المخفي تحت الدهان، وفضحت “البيوت العملاقة” المشيدة في بطون السيول.
اقرأ المزيد...- الإصلاح الاقتصادي بين إرادة الخارج وعجز الداخل 22 أغسطس، 2025 ( 8:40 مساءً )
- أبو فتح القاضي يعزي آل عقلان في وفاة المناضل منصور عقلان 22 أغسطس، 2025 ( 7:01 مساءً )
يا سبحان الله، المطر لا يعرف سياسة ولا حزب، المطر ما عنده واسطة ولا يفرق بين وزير ومواطن شريف.
نزل على الجميع بالعدل. لكن حين وصل إلى الشوارع، تذكر أنه في بلد البنية التحتية فيه تبنى بميزانية “كيسين أسمنت وربع طن حديد”. فقرر أن يتحول إلى سيول جارفة، تسوق معها كل شيء، القاذورات، مخلفات البناء، وحتى بعض البشر الذين اكتشفوا أن بيوتهم بنيت في “الطريق الرسمي للسيول”.
السيول قالت كلمتها:
ـ أنتم بنيتم عشوائيا؟ إذن عيشوا عشوائيا.
ـ أنتم صمتم عن الفساد؟ إذن اسبحوا في برك الفساد.
ـ أنتم تركتم السماسرة يبيعون أراضي الأودية؟ إذن تفضلوا الآن استمتعوا بـ”شقق سكنية مؤقتة” وسط زفت الطين.
أما الدولة، فقد حضرت كعادتها متأخرة، وبكامل زينتها الرسمية، ومعها وفد من “المواسون المحترفون”، أول ما تفعل هو التصوير، ثاني ما تفعل إصدار بيان، وثالث ما تفعل، لا شيء. وكأن مهمتها تنحصر في قول: “نحن هنا، نرى مأساتكم، ونشعر بكم”. وكأن الشعور يعوض بيتا غرق، أو جدارا انهار، أو سيارة جرفتها السيول.
الناس من جهتهم، تنقسم إلى قسمين:
قسم يصور بكاميرا الهاتف وهو واقف على عتبة بيته الغارق، ويكتب على الفيسبوك: “قدر الله وما شاء فعل”.
وقسم آخر يلوم ربنا ويقول: “ليش يا رب تنزل مطر في هذا الوقت؟!”.
وكأن رب العالمين عليه أن يستشير وزارة الأشغال قبل أن تمطر السماء.
أجمل مشهد اليوم: حين تحولت
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على