الثقافة تحت خط النار
الثقافة تحت خط النار
موقف /> فوّاز حدادروائي سوري، ولد في دمشق، أصدر أول رواياته موزاييك عام 1991. لديه إحدى عشرة رواية ومجموعة قصص قصيرة.
19 اغسطس 2025 فاتح المدرس/ سورية + الخط -تتعدى خسارة الروائي السوري ممدوح عزام لبيته، ومكتبته الشخصية التي تضم آلاف الكتب، مجرد فقدان أشياء عزيزة عليه، وجزءٍ لصيق بحياته وتاريخه في الأدب، وخصوصية عزلته، وعلاقته بأسرار صنعته. في الجانب نفسه، تعني ثقافة أصابتها طعنة في الصميم، ويمكن تشبيه حريق المكتبة بلا مبالغة بما كانت النازية تقوم به من حرق للكتب في الساحات العامة، وإذا كانت تفوقها، فبالتهوّر. فإذا كان النازيون يحرقون الكتب الممنوعة، أمّا هذا الحريق فأتى على جميع أنواع الكتب دونما تمييز. الطائفية ليس لديها استثناءات.
يصعب الحديث عن الثقافة في هذا الظلام الذي بات دامساً، أكثر من أيّ وقت مضي، فالبلد مقبلٌ على التفتت، والتحريض عليه لا يتوقف. تتأثر الثقافة السورية عموماً بالتشرذم وقلّة التبصّر، والأكثر بما يجري من تحولات، قد تكون انقلاباً، أو ثورة، أو منازعات مسلحة، أو ضغائن طائفية. ويمكن القول إنّ أحد ضحاياها حملة الثقافة، الذين لا يُسمع لهم، طالما أن الثقافة نفسها تأتي على الهامش في معمعة السلاح، مع أن الثقافة هي الأعلى صوتاً، لكنّها مجرد صوت أو أصوات، تتبدّد تحت وقع الانفجارات، الأعلى والأقوى ضجيجاً، ولا مكان للنقاش الهادئ عندما يكون الحوار بالرصاص والمدفعية. أول ما يجري استهدافه الفكر الحر، بالكراهية والأحقاد، وأول ما يجري إسكاتُ الكاتب الحر، الذي لا يزيّف ولا يتجاهل ولا يتواطأ، ولا يكون مطواعاً لأيّ سلطة سوى سلطة الضمير، لهذا لا يُرضي الأطراف المتحاربة، كلّ منها تريد منه أن يتكلم كما يتكلمون، وإلّا أصبح متهماً.
الثقافة مجرد صوت أو أصوات تتبدّد تحت وقع الانفجارات
وهكذا يصبح الكلام مغامرةً محفوفة بالخطر، طالما صيّادو الكلام متربصون لهؤلاء الذين يطلبون الحقيقة، لن يكون الرأي مدمراً إلّا عندما ينخرط المثقف في صراع يجب أن يلعب فيه دوراً عقلانياً، وألّا ينصاع لأجندات أيديولوجية أثبتت أنها
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على