أنس أيضا كان يريد الحياة

٦ مشاهدات

أنس أيضاً كان يريد الحياة!

مدونات

يوسف الدموكي

/> يوسف الدموكي كاتب وصحافي مصري، مدوّن في موقع العربي الجديد. 13 اغسطس 2025 + الخط -

مفاجأة؟

لم يكن أنس الشريف محبًّا للموت بهذا القدر، ولا أحد في غزّة عمومًا كان يريد الموت من البداية، حتى محمد الضيف، كان يحبّ الحياة، وبرشلونة، وأشياء أخرى، يتردّد بشأن شراء قلاية كهربية في منزله، تدخل المنزل ثم يُعيدها مرّةً أخرى، وقد شعر بالحرَج أن يسبق إخوانه بشيءٍ من متاع الدنيا، وأنس؟

كان يحبّ المزاح، وصحبة الشباب، وليالي الشاي والقعدة، كان يحبّ أن يعيش، أن يسافر، أن يذهب إلى الدوحة ربّما مثلما تمنّى عليه الكثيرون، لكن بعد الحرب، بعد أن تشفى جراح غزّة، ولا بأس بمن سيسافر في أيّ وقت، من حقّ كلّ الناس أن يختاروا البقاء أو الرحيل، وفي كليهما مشقة وعناء ما دام الإنسان من غزّة أصلًا، ولكن المعيب أن يظن أحدٌ أنه يتفضّل بزيادة عقل ومنطق عن آخرين فضّلوا الحياة في غزّة، ولو موتى مؤجّلين، ولو في ثياب كأنّها أكفان، ولو على راحتَي الموت يقلبهما متى يشاء.

يظنّ البعض أنّ أنس اختار الموت، والحقيقة هو اختلاف تعريف الموت والحياة بالنسبة له ولغيره من أهل غزّة، كثرٌ يريدون العيش، ولكن ليس بالطريقة التي يقتاتون فيها على سيَر الضحايا الراحلين، وليس بالطريقة التي يزايدون بها على الذين اختاروا مسارًا مختلفًا، غير منطقي، ولا عقلاني بالمرّة، لا يدفعون آلاف الدولارات ليغادروا بما يحملون من جراح، ولا يقفون على طوابير المغادرة في محاولات مُستميتة للفرار من موتٍ محتوم، وذلك حقّهم، ونعالهم جميعا على رؤوسنا، ولكن كان أنس سيُشير فقط، سيقول، سيهمس، وسيجد نفسه وعائلته على متن طائرة عاجلة تقلّه إلى حياة مترفة، ولكنه رأى في الرسالة التي يقدّمها شيئًا يدفعه للتمسّك بالموت على هذا النحو، بالبقاء على هذا الخيار المضطرب، أن تكون الحياة على كفّ عفريت، لا تكاد تتصل حتى تنقطع، ولا تكاد تعيشها حتى تتركها من دون رجعة.

يريدون غزّة، ولا يريدون إبادة أهل غزّة

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2025 أحداث العالم