ليسوا برابرة
ليسوا برابرة
موقف /> ممدوح عزام كاتب وروائي سوري 08 اغسطس 2025 بيت ممدوح عزّام في بلدته تعارة قفرب السويداء قبل حرقه ونهبه (العربي الجديد) + الخط -هذه حقيقة بسيطة، ومذهلة، تقول إنّ الذين أحرقوا بيتي، في قريتي، في السويداء، وأحرقوا بيوت القرية كلّها، كما أحرقوا البيوت في اثنتين وثلاثين قرية، عدا الأحياء الغربية من المدينة، ليسوا برابرة، ولم يأتوا من دول أخرى، وليسوا صهاينة أيضاً، بل هم سوريون من جميع جهات الجغرافيا السورية المنكوبة.
سوريون من أعطوا الأوامر، ومن لم يمنعوا المجازر، وسوريون من قاتلهم، وسوريون من حملوا المعاول التي كانت في ما مضى تُستخدم لإصلاح الأراضي البور، كي يهدموا بها المنازل العامرة، وسوريون من حملوا القنابل اليدوية لإحراق البيوت، بدل أن تظلّ من مخصصات الدفاع عن الحدود.
وفي خمسة عشر يوماً، تمكّن السوريون من تهديم وطن صار عمره مئة عام، حتى إن جندياً صغيراً قاتلاً بات بوسعه أن يسأل: إيش يعني سوري؟.
لم يكتمل المشهد بعد؛ فالجنود لا يزالون يحاصرون بيتي حتى ساعة كتابة هذه المقالة، يمنعوننا من أن نأخذ صوراً لمحنتنا، للحرائق التي أشعلوها في ذكرياتنا، والدخان الذي غطّى بكثافته السوداء ما كنا نبتهج به من طلاء الحيطان والنوافذ والأبواب.
يخيَّل للمرء أن الحوار محظور بين أبناء البلد، ومسموح فقط تجاه الأعداء
ولكن، ماذا سنفعل حين نعود، غير أن نبكي، أو نشتكي إلى الله وحده، إذ لم يعد أحد من البشر يريد أن يسمع شكوى الأبرياء الذين لم يفعلوا شيئاً، غير أنّ التاريخ والجغرافيا، والحروب، والهجرات القديمة، حشروهم هنا في هذه الزاوية الضيقة المسدودة من الوعر الصخري الذي تراكم منذ آلاف السنين، فارتاحوا إلى التراب الأحمر، وانتظار المطر من السماء.
ومثلما كانت صخور البراكين، وأشجار البلوط في جبالهم، أصبحوا هم كذلك. يعبدون الله نفسه الذي يعبده غيرهم، غير أن الطريق إليه ليست هي الطريق نفسها، ولا يغضب الله من تعدد الطرق إليه، ولا يرى فيها ذنوباً.
من الناس من رآها ذنوباً، جعلت
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على