أميرة غنيم وتحرير بورقيبة من أسطورته
أميرة غنيم وتحرير بورقيبة من أسطورته
كتب /> أمين الحرشاني أمين الحرشاني: كاتب وباحث من تونس. 05 اغسطس 2025 + الخط -يصادف أول أمس، الثالث من أغسطس/آب، ذكرى ميلاد الحبيب بورقيبة الذي اعتادت تونس الاحتفال به أياماً إلى حدود انقلاب 1987، الذي طمس الذكرى قبل أن تكتم نهائياً بجنازته في إبريل/نيسان من عام 2000. بعد الثورة عاد ميلاده مناسبة للاحتفال لدى البورقيبيين، في حين اختارت الروائية أميرة غنيم تذكره في مناسبة أخرى، هي يوم رحيله من خلال العظماء يموتون في أفريل (منشورات ميسكيلياني، 2025)، رابع أعمالها الروائية، خصصته لتناول سيرة المجاهد الأكبر؛ اللقب الذي كانت تطلقه وسائل الإعلام التونسية في عهده، محاولة فك سيرة ملغزة عبر فتح أقفالها من خلال مفاتيح ثلاثة، هي: الأسطورة والسلطة والنساء.
الأسطورة
على الرغم من الطابع التاريخي الصريح لهذه الرواية، إلا أنها كانت مسكونة منذ البداية ببعد غرائبي يلائم بطلها، بداية من النذر والنبوءات التي رافقت بورقيبة منذ تكوينه جنيناً، عندما بشّرت به العرّافة على هيئة الدلفين، ذلك الحيوان المحبوب والمبجّل منذ القَدم عند أهل الساحل: دنفير يخرج من شطوط المستير... دول العالم فيه تحير، وتلك كانت النبوءة الخاصة بأمّه.
هذا المعطى الأسطوري، لم يكن مجرد نكهة تشويق مضافة لحبكة السرد، بل هو من صميم الحضور البورقيبي في المخيال الجمعي، فبعض هذه القصص صنعتها ماكينة الدعاية لسنوات، وأخرى اخترعتها الأذهان في سياق الانبهار بـباني الأمة، وفي أحيان أخرى، صنعها الزعيم نفسه، لا من منطلق دعائي فحسب وإنما عن إيمان صادق بها، إذ إن بورقيبة آمن بعظمته المتجاوزة للوطن نفسه، ولم يعتبر نفسه مجرّد زعيم للتونسيين، بل موجداً هوية وطنهم.
أنا الذي أصغى إليّ التاريخ، أملي عليه اتجاهه، هكذا تكتب غنيم على لسانه، حتى وهو في أضعف حالته، ولعل المفارقة هنا تكمن في أن مشاعر العظمة هذه تأخذه في حالات الضعف والهشاشة أكثر من غيرها، ففي خلال وجوده بمراكز اعتقال سلطات المستعمر الفرنسي وكذلك في المنافي، سيرى في نفسه معادلاً لأساطير الشمال
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على