المقاهي التراثية العربية ذاكرة المدن
المقاهي التراثية العربية... ذاكرة المدن
حول العالم الرباطأشرف الحساني
/> أشرف الحساني 03 اغسطس 2025 | آخر تحديث: 09:39 (توقيت القدس) في بغداد، يناير 2025 (فرانس برس) + الخط - اظهر الملخص - تواجه المقاهي التراثية العربية تراجعاً ملحوظاً بسبب انتشار ثقافة الاستهلاك السريع والمقاهي التجارية الحديثة، مما يهدد هويتها الثقافية والاجتماعية في مدن مثل بيروت والقاهرة ودمشق.- كانت هذه المقاهي مختبرات حية للذائقة الفنية وملاذاً للكتّاب والفنانين، حيث امتزجت فيها العمارة العربية الإسلامية مع التأثيرات الكولونيالية، مما أضفى عليها بعداً تاريخياً وجمالياً فريداً.
- رغم محاولات الصمود، تعاني المقاهي من التآكل وفقدان هالتها التاريخية، مما يعكس أزمة وعي ثقافي بقيمتها كفضاءات اجتماعية غنية ومتنوعة.
عرفت المقاهي التراثية العربية خلال السنوات الأخيرة تراجعاً لافتاً. فتوغّل ثقافة الاستهلاك السريع، وتكاثر الفضاءات الترفيهية الحديثة، أسهما في تغريب مقاهٍ طالما شكّلت جزءًا من الهوية البصرية والاجتماعية لعواصم مثل بيروت والقاهرة ودمشق وبغداد والدوحة وعمان. هذه المقاهي، التي تستند في معمارها إلى الجماليات العربية الإسلامية، لم تكن مجرّد أماكن لشرب القهوة، بل مختبرات حية للذائقة الفنية، ومرجعاً بصرياً يوثّق مراحل متعاقبة من تاريخ الفنون العربية الحديثة.
التفكير في هذه المقاهي يقودنا مباشرة إلى الحديث عن علاقة المدينة العربية بالتحديث. فمنذ خمسينيات القرن الماضي، ارتبطت المقاهي بالتحوّلات المعمارية التي شهدتها المدن العربية. لكن عولمة متوحّشة حوّلت العالم إلى قرية بلا حواجز هوياتية ولا ملامح ثقافية واضحة، جعلت الاستثمار في مقهى تراثي ضرباً من المغامرة. صارت مقاهي الأمس العريقة تواجه منافسة غير متكافئة مع مقاهٍ تجارية، سريعة الإيقاع، تفضّل الترفيه على التاريخ والذاكرة.
لم تكن هذه المقاهي يوماً مجرّد فضاءات لتبادل الأحاديث العابرة. كثيرون من الكتّاب والفنانين والأدباء وجدوا فيها مكاتب يومية مفتوحة على الحياة، أنجزوا بين جدرانها رواياتهم، وأغنياتهم، وأفلامهم. في تلك الأمكنة، كان الزمن يبدو وكأنه يتقطّر ببطء من أنبوب ماء قديم، يمنح روّاد المقهى فسحة تأمل، وفرحاً قادماً من نبع مجهول. اليوم، تزحف العمارة التجارية، وتختفي هذه الفضاءات واحداً
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على