حرية بلا ضوابط خطر الفردانية على النسيج القيمي
حرية بلا ضوابط: خطر الفردانية على النسيج القيمي
/> محمد رجوب طالب دكتوراه في تخصّص العلوم الادارية، وباحث في المجالات التربوية والإدارية والسياسية. 29 يوليو 2025 | آخر تحديث: 09:32 (توقيت القدس) + الخط -تتشارك المجتمعات، لا سيّما تلك المتجذّرة في منظومة قيم وتقاليد متأصّلة، في جدلية معقدة بين ضرورة الانتماء الجماعي، وصعود تيار فردي منحرف يمجّد التحرّر الشخصي بلا حدود، فبينما يُمثل الانضمام إلى المجتمع تجسيداً للمساهمة في صياغة الهوية الثقافية والاجتماعية، تظهر اليوم أفعال فردية تحاول التخلص من كل قيد، بما في ذلك القيود الأخلاقية والقيمية والاجتماعية والقانونية، وغالباً ما يصار إلى اعتبار هذه الأفعال الخارجة عن المألوف عادية، في محاولة لتبريرها، رغم كونها مُهدِرة لكرامة الآخرين.
لا يختلف عاقلان على أن الاستقلالية الفردية حق أساسي لا جدال فيه، غير أن الخطر يكمن في تحويل هذا الحق أداةً تُشهر في وجه المجتمع كلما اشتد الخناق بالضوابط الأخلاقية، أو تعارضت الأعراف مع الميول الفردية العابرة. يتجاوز الأمر مجرد الرفض الخاص، ليصل إلى حد السخرية والاستخفاف بمَن يتمسكون بالقيم، كأنّ الالتزام بها عار، بينما يصور الخروج على المألوف إنجازاً فردياً يستحق الإشادة والثناء، في محاولة لشرعنة سلوكيات شاذة تُقلّل من شأن الآخرين وتتجاوز الحدود المجتمعية والقانونية.
وتتجلى التناقضات السافرة في أن أولئك الذين ينادون بتسامح المجتمع مع تصرفاتهم، لا يبدون أي استعداد لفهم حساسية النسيج الاجتماعي أو احترام مشاعر الآخرين. يطالبون بالاعتراف بحقهم في التعبير عن الذات والسلوك والاعتقاد، لكنّهم يجيزون لأنفسهم ما لا يقبلونه من غيرهم، حتى لو كان مؤذياً أو جارحاً. في قاموسهم، تصبح الحرية حقاً مطلقاً عندما تخصهم، بينما تتحول إلى قيد ضيق حين تتعلق بالآخرين. وهذا يكشف عن مقياس مزدوج يستخدم لتبرير الانحرافات السلوكية وإهانة الآخرين، متجاهلين القيود الشرعية والقانونية.
وتحول الانسلاخ عن القيم، في بعض الأحيان، من مجرد سلوك فردي إلى خطاب ممنهج، بل وأحياناً إلى استعراض وقح يسعى لإحداث الاستفزاز. لا يقتصر الأمر على ممارسة الحقوق الذاتية، بل يتعداه إلى
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على