ماركس الابن الجاحد لهيغل

١٤ مشاهدة

ماركس... الابن الجاحد لهيغل

مدونات

عاصم أمين

/> عاصم أمين كاتب سوري ومدرس للفلسفة، مقيم في ألمانيا. 27 يوليو 2025 + الخط -

لم يعرف تاريخ الفلسفة الحديثة انعطافًا أكثر جذرية من ذلك الذي مثّله انتقال الفكر من هيغل إلى ماركس. فمن تعالي الفكرة في فضاء الروح المُطلقة إلى ترسّخها في أرضية المادة الصلبة، ومن تأملات الوعي الذاتي في حركته الداخلية إلى صراعات الطبقات في البنية الاجتماعية والاقتصادية، نشهد انتقالًا فلسفيًا لا يُقاس بقطيعة سطحية، بل بحركة جدلية داخل الفلسفة نفسها، أعادت صياغة أسئلتها ومناهجها ومقاصدها. فالقطيعة الماركسية مع هيغل لم تكن محض رفض، بل كانت في جوهرها، تحقيقاً جدلياً للفكر الهيغلي، ولكن في اتجاه نقيض.

هيغل انتصار الفكرة وتجلي الروح

يتأسّس النسق الهيغلي على مثالية مُطلقة، ترى في العقل الكلي، أو الروح المُطلقة، الجوهر الأوحد الذي يحكم وجود العالم وتطوّره. في هذا التصوّر، لا يكون الواقع إلا تجلياً تاريخياً لفعل الفكر ذاته، متخذًا مسارًا جدليًا يتدرّج من اللحظة المجرّدة إلى الكلية المحقّقة، عبر ثنائية النفي والتركيب أطروحة زائد نقيض يساوي تركيب.

فالواقع، وفقًا لهيغل، ليس معطىً ماديًا سابقًا على الفكر، بل هو لحظة من لحظات تفتّح الفكر على ذاته، والتاريخ الإنساني يُقرأ كحركة منطقية للوعي الذاتي نحو وعيه بحريته، أي نحو تحقّق العقل في العالم. بهذا المعنى، يصبح كلّ ما هو واقعي، في لحظة تحقّقه الكامل، عقلياً، وكلّ ما هو عقلي له شرط إمكان في الواقع ذاته. العقل عند هيغل ليس وظيفة ذهنية فردية، بل قوّة كونية تتحقّق عبر التاريخ، عبر الدولة، والدين، والفن، والفلسفة.

ماركس.. انقلابات المادية وجدلية الواقع

ماركس، وقد تشرّب المنهج الهيغلي في صميم تكوينه الفكري، لم يرفض الجدلية، بل استبقاها، وقلبها رأساً على عقب، مُنتقلاً من جدلية الفكر إلى جدلية المادة. في هذا الانقلاب، لا تعود الفكرة هي أصل الواقع، بل يصبح الواقع المادي، بامتداداته الاقتصادية والاجتماعية، هو الشرط الأولي لكلّ إنتاج رمزي، بما في ذلك الفكر ذاته.

الفجوة بين ماركس وهيغل ليست فجوة منهج

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2025 أحداث العالم