الجنسية السورية بين القانون والانتقائية
الجنسية السورية... بين القانون والانتقائية
/> إبراهيم جبر كاتب مختص بالقانون الدولي عموماً وقوانين الشرق الأوسط خصوصاً. 17 يوليو 2025 + الخط -لم تكن الجنسية السورية على مدى القرن الماضي مجرّد صفة قانونية تُمنح وفق معايير واضحة ومتسقة، بل كانت لا تعدو كونها أداة سياسية وانتقائية بيد السلطة، تُمنح لفئات وتُحجب عن أخرى، من دون إطار موضوعي ثابت. وفي حين نُظر إلى بعض الأقليات أو اللاجئين بوصفهم جزءاً من نسيج الوطن السوري، عوملت فئات أخرى باعتبارهم غرباء مهما طالت إقامتهم، وحتى لو وُلدوا على أرضه.
فلقد شهدت سورية خلال القرن العشرين موجات من غير السوريين الذين استقروا فيها، من جنسيات عربية وغير عربية، سعوا للاندماج في المجتمع عبر الإقامة والعمل وطلب التجنيس. ومن أبرز نماذج التجنيس، كانت حالة اللاجئين الأرمن الذين فرّوا من المجازر العثمانية، والشركس الذين هُجّروا من القوقاز واستقروا في سورية. تميّزت هذه الحالات بوجود إرادة سياسية واضحة لتسهيل اندماجهم، حيث جرى التعامل معهم باعتبارهم مكوّنات أصيلة وفاعلة في المجتمع السوري، من دون تعقيدات قانونية أو عراقيل إدارية تُذكر.
لكن في المقابل، تُظهر مقارنة هذه الحالات مع فئات أخرى من المقيمين من غير السوريين أنّ منح الجنسية في سورية لم يكن ناتجاً عن معيار قانوني ثابت، بل غالباً ما خضع للاعتبارات السياسية والانتقائية. فبينما حظي الأرمن والشركس بالتجنيس والاندماج، لم تُمنح الفرصة نفسها لمجموعات أخرى، رغم تشابه أوضاعهم القانونية والإنسانية، ما يسلّط الضوء على غياب العدالة وتكافؤ الفرص في تطبيق قانون الجنسية.
معاناة الأكراد وعديمي الجنسية: نتائج إحصاء 1962
في مقابل تجنيس بعض الجماعات غير العربية، واجه جزء كبير من الأكراد في سورية واقعاً قانونياً مُجحفاً، تمثّل في حرمانهم من الجنسية إثر إحصاء استثنائي أُجري في محافظة الحسكة عام 1962، بدوافع سياسية وأمنية. أدى هذا الإحصاء إلى تصنيف عشرات الآلاف منهم مجرّدين من الجنسية أو مكتومي القيد، رغم أنهم وُلدوا وعاشوا في سورية لأجيال مُتعاقبة.
وقد ترتّبت عن هذا الوضع القانوني آثار مدمّرة، تمثّلت
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على