السويداء تشتعل: إسرائيل تدخل المعركة والسلطة الانتقالية تعيد النظام بوجه جديد

في مشهد يعيد رسم خرائط القوة والتأثير في الجنوب السوري، تحولت محافظة السويداء إلى مسرح صراع معقّد ومتداخل الأطراف، بين السلطة الانتقالية السورية، الفصائل الدرزية المحلية، وإسرائيل التي خرجت عن صمتها وأعلنت انخراطها العسكري المباشر.

بعد أن كانت تُعد إحدى أكثر مناطق سوريا هدوءاً نسبياً، غرقت السويداء في فوضى المواجهات، وسط انهيار اتفاق هشّ لوقف إطلاق النار، وتصاعد العمليات الأمنية والعسكرية التي تنفذها مجموعات محسوبة على أجهزة السلطة الجديدة.

شهادات من الميدان تكشف أن السلطة الانتقالية، بحسب أحد وجهاء المدينة، تكرر أساليب النظام السابق بوجوه جديدة، وسط رفض شعبي واسع لأي محاولة لفرض الهيمنة بالقوة، وارتفاع عدد الإصابات في صفوف المدنيين، وانقطاع شبه كلي للكهرباء والمياه في عدد من الأحياء. ومع تفاقم التصعيد، جاءت الضربة الكبرى من تل أبيب.

فقد أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن “زمن الإشارات انتهى، وجاء وقت الضربات الموجعة”، مؤكداً استمرار العمليات في السويداء حتى انسحاب القوات التي هاجمت الدروز.

مصادر دبلوماسية غربية أكدت أن إسرائيل تعتبر ما يجري في السويداء مساساً بتفاهمات غير معلنة تخص الجنوب السوري، مشيرة إلى أن الضربات الإسرائيلية ليست مجرد ردّ ميداني، بل رسالة استراتيجية تضع خطوطاً حمراء جديدة لأي وجود عسكري غير منسق مع تل أبيب.

ورغم كل ذلك، ترفض فصائل السويداء، وفق شهادات محلية، الانفصال أو الانجرار وراء أي أجندة خارجية، لكنها تتمسك بحقها في الدفاع عن نفسها، وتدعو إلى انسحاب كامل لكل القوى المسلحة من المحافظة، مشددة على أن “كرامة الجبل لا تخضع للمساومة”.

في خلفية المشهد، يرى محللون أن تل أبيب تراقب عن كثب أداء السلطة الانتقالية، وتختبر من خلال هذه المعركة موقفها من الأقليات، ومن فكرة اللامركزية والتسلّح المحلي، في وقت تبدو فيه السلطة عاجزة عن تقديم رؤية سياسية واضحة لما تقوم به، وسط اتهامات بانتهاج القمع وعسكرة التفاوض. هكذا