حرب السرديات كيف تنتصر الرواية على الحقيقة

٣٢ مشاهدة

حرب السرديات: كيف تنتصر الرواية على الحقيقة؟

مدونات

محمد الحسني

/> محمد الحسني مدون يمني ومستشار اتصالات استراتيجية مؤسس اتصال للعلاقات العامة. 12 يوليو 2025 + الخط -

في عام 2003، غزت الولايات المتحدة العراق بدعوى أسلحة الدمار الشامل. لم يكن هناك سلاح، لكن القصّة كانت جاهزة، ومدعومة بشبكة إعلامية وسياسية ضخمة. وبهذه الرواية، صُنعت شرعية لحرب دمّرت بلدًا عريقًا، قُتل فيها مئات الآلاف، ولا تزال آثارها المأساوية تتردّد في الإقليم حتى اليوم.

ورغم انكشاف الكذبة لاحقًا، لم يُحاسب أحد، ولم تكن هذه الحادثة استثناءً، بل واحدة من أوضح تجليات ما بات يُعرف بـحرب السرديات، حيث لا تنتصر الحقيقة، بل تنتصر الرواية التي تُروى ببراعة. في هذا السياق، يُشير يوفال نوح هراري، في كتابه 21 درساً للقرن الحادي والعشرين، إلى أنّ عالم اليوم تحكمه السرديات أكثر مما تحكمه الحقائق، إذ يقول: في زمن ما بعد الحقيقة، لا يهم ما حدث فعلاً، بل كيف يُروى.

عند كلّ صراع، هناك من يُصوَّر معتديًا، وآخر ضحيةً. هناك من يُحتفى به مقاومًا، ومن يُلاحَق على أنه إرهابي. من يظهر على الشاشات بصور بطولية، ومن يُختزل في لقطات دامية بلا سياق. هذه ليست نتائج الحرب، بل نتائج الرواية التي تسبقها وتواكبها. فالصورة التي تراها، والمصطلحات الذي تُردّد، ليست بريئة أو عفوية؛ إنها جزء من سردية مُحكمة تُعيد تعريف الواقع وتوجّهه.

السردية من منظور العلاقات الدولية

السرديات ليست مجرّد أدوات تواصل، بل آليات لصياغة المعنى وتوجيه الفعل السياسي. ووفق المدرسة البنائية في العلاقات الدولية، تُبنى الهويات والأدوار والمعاني اجتماعياً من خلال الخطاب، لا من خلال المصالح المادية وحدها. الدول لا تتصرّف فقط بما تملكه من قوّة صلبة، بل بما ترويه عن نفسها: من هي؟ ما الذي تمثّله؟ ولماذا تستحق الدعم أو الخوف أو الشك؟

في هذا السياق، تصبح السردية أداة استراتيجية لإنتاج الشرعية وإعادة تعريف الواقع؛ إذ يمكن أن تجعل من الاحتلال نزاعًا، ومن المقاومة إرهابًا، ومن التدخّل العسكري دفاعًا عن الديمقراطية.

الصورة التي تراها، والمصطلحات

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2025 أحداث العالم