علي ناصر محمد والوحدة القاتلة
كتب / رندا العامري
في تصريح لافت ومتأخر، أقر الرئيس الجنوبي الأسبق علي ناصر محمد بدور شخصي ومباشر في منع جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية من الانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي قبل الوحدة، مؤكدًا أنه سعى لإقناع الرئيس الشمالي آنذاك علي عبدالله صالح بالحضور إلى عدن لإعلان رغبته في الوحدة.
هذا التصريح الذي جاء بعد عقود، لا يُعتبر مجرد كشف سياسي، بل إدانة تاريخية لسلوكٍ سياسي كلّف الجنوب وجوده واستقراره، وفتح الباب لحرب 1994، والنهب، والتهجير، والهيمنة على الأرض والقرار.
الجنوب والخليج: الفرصة الضائعة
قبل إعلان الوحدة، كانت هناك مؤشرات على تقارب خليجي تجاه الجنوب، خصوصًا مع تراجع الطابع الأيديولوجي، وانفتاح عدن نسبيًا. كانت عدن مرشحة طبيعيًا للانضمام لمجلس التعاون الخليجي، بما تملكه من موقع استراتيجي، وموانئ، وعمق حضاري.
لكن الرئيس علي ناصر محمد، وبحسابات داخلية أو شخصية، أوقف هذا المسار وسعى بدلاً منه لتقريب نظام صنعاء، والدفع باتجاه وحدة سريعة وغير مدروسة، دون استفتاء شعبي، ولا ضمانات سياسية أو اقتصادية أو أمنية.
لماذا سعى علي ناصر للوحدة؟
يرى مراقبون أن علي ناصر كان يسعى لترسيخ موقعه في الداخل الجنوبي، ولإيجاد حليف شمالي يمنحه ثقلاً في مواجهة خصومه السياسيين. لكنه بذلك فرّط بدولة كاملة، وجرّ شعبًا بأكمله نحو مصير مجهول، تحوّل لاحقًا إلى واقع احتلال وسيطرة واستنزاف.
قرار لا يُغتفر عبر الأجيال
إن قرار الرئيس علي ناصر في تفويت فرصة تاريخية للجنوب، لا يمكن تصنيفه إلا كـ”خطأ استراتيجي قاتل”. لقد دمّر هذا القرار مستقبل أجيال جنوبية، كانت تستحق أن تنشأ في دولة مستقرة ذات سيادة، ضمن محيط خليجي داعم، لا أن تُقحم قسرًا في وحدة ألغت هويتها وقمعتها لعقود.
وبتصريحه هذا، فقد الرئيس علي ناصر محمد ما تبقى من مصداقيته واحترامه أمام أجيال الجنوب التي ولدت ونشأت تحت وطأة نتائج تلك الوحدة، من تهميش وقمع، وحروب متتالية.
البعد القانوني: هل يمكن اعتبار التصريح انتهاكًا لحق تقرير المصير؟
إن ما أقدم عليه الرئيس علي ناصر محمد، وفقًا لتصريحه، يشكّل مخالفة صريحة لمبدأ
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على