الهدنة اختبارا نفسيا بعد حرب الإبادة
الهدنة اختباراً نفسياً بعد حرب الإبادة
/> ريما القطاوي ريما القطاوي، كاتبة روائية، وباحثة في الشأن العام عمومًا، والفلسطيني خصوصًا، تدور اهتماماتها البحثيَّة حول القضايا العامَّة المعاصرة ودورانها في عوالم الصحافة، صدر لها رواية كلنا على سفر. 11 يوليو 2025 + الخط -في غزة، بات من الصعب تصديق أن الحرب ستنتهي بالفعل. فكل مرة ترتفع فيها نبرة التفاؤل بوقف إطلاق النار، سرعان ما تتبخر الآمال مع فشل جولة جديدة من المفاوضات. هنا، في أرض الواقع، لم نعد نصدّق سوى الحرب. فهي وحدها التي تتكرر بثبات، وتفرض حضورها علينا بوصفها أكثر الوقائع صدقًا ووضوحًا في حياتنا اليومية.
للحرب طعم مر. تمارس علينا عنفها المفرط بلا رحمة، لكنها – على فظاعتها – لا تبيعنا الوهم. بخلاف ما تفعله الشائعات المتكررة عن هدنة قريبة، أو وقف إطلاق نار وشيك، يعيد إنتاج الأمل فخاً.
قال ترامب مؤخرًا: الآن هو وقت السلام. لكن، عن أي سلام يتحدث؟ وأي حياة تنتظرنا بعد كل هذا الخراب؟ كيف نعود إلى مدن لم تعد مدنًا، بل أكوام ركام؟ وهل يمكن لغزة، بعد هذه الإبادة الطويلة، أن تعود صالحة للحياة؟ أم أن الحديث يدور عن هدنة مؤقتة تمهّد لجولة جديدة من الدم؟
الهدنة، في ظاهرها، وقف لإطلاق النار. لكن في حقيقتها إعلان عن بداية حياة مجهولة، لا نعلم كيف نتعامل معها، ولا ما إذا كنا مهيئين أصلًا لخوضها. نحن أبناء هذا الإيقاع الوحشي، أسرى حسابات سياسية فرضت علينا تفاصيل يومنا. اعتدنا مشاهد الدمار، ومقايضة البقاء بما تبقى من كرامة. أما الحياة الطبيعية، فصرنا نخشاها كما نخشى الحرب.
لقد فقدنا كل شيء: منازلنا، طقوسنا، كتبنا، عزلتنا، أماكننا الآمنة، وحتى ملامحنا الشخصية. الهدنة لن تعيد كل ذلك، لكنها ستجبرنا على مواجهة الفراغ
لقد فقدنا كل شيء: منازلنا، طقوسنا، كتبنا، عزلتنا، أماكننا الآمنة، وحتى ملامحنا الشخصية. الهدنة لن تعيد كل ذلك، لكنها ستجبرنا على مواجهة الفراغ. ستطلب منا أن نبدأ من جديد، لكن بأي أدوات؟ وبأي نفس؟
كلما تذكرت
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على