من العبث إلى اللايقين

١١ مشاهدة

من العبث إلى اللايقين... جدل الحضور بين ألبير كامو وهايزنبرغ

مدونات

عاصم أمين

/> عاصم أمين كاتب سوري ومدرس للفلسفة، مقيم في ألمانيا. 09 يوليو 2025 + الخط -

تسعى هذه المقالة إلى بناء جدل فلسفي بين تصوّر ألبير كامو للعبث والتمرّد، وبين مبدأ اللايقين كما صاغه فيرنر هايزنبرغ في الفيزياء الحديثة، في محاولة لإعادة التفكير في الحضور الإنساني، لا بوصفه يقينًا تاريخيًّا أو جوهرًا متعاليًا، بل بوصفه فعلًا حرًّا يتحدّد في لحظة المواجهة مع اللايقين. ونُظهر من خلال هذه القراءة المتقاطعة أنّ الحاضر لا يُصاغ بالاستناد إلى الماضي، بل يتعيّن بالانخراط الواعي في شرطه الزمني المفتوح.

الحاضر بصفته إشكالية فلسفية

غالبًا ما يُفهم الحاضر في السياقات الاجتماعية والسياسية بوصفه نتيجة لماضٍ طويل، يحمل داخله مبرّراته، وهُويّاته، وشرعيته. غير أنّ هذا الفهم يُغفل بعدًا أساسيًّا أنّ الزمن الحي لا يُمنح، بل يُنتج. فحين يغيب الوعي عن إدراك الحاضر بوصفه لحظة مفتوحة، يلجأ العقل إلى استدعاء الماضي بوصفه ملاذًا نفسيًّا ورمزيًّا. لكن هذا الاستدعاء ليس بريئًا؛ إنه، في جوهره، إنكارٌ لشرط الحضور الحر، ومحاولة لاشغال الفراغ الوجودي بوهم المعنى.

العبث عند ألبير كامو: مواجهة بلا خلاص

يرى كامو أنّ الوعي الإنساني، في لحظة اكتشافه لغياب المعنى، يصطدم بكونٍ صامت لا يقدّم أي تفسير أو غاية. هذا الاصطدام يُنتج ما يسميه العبث. لكن كامو لا يدعو إلى الاستسلام أو الهروب، بل إلى ما يسميه بـالتمرّد، تمرّد لا يسعى إلى خلاص ميتافيزيقي، بل يؤكّد حرية الإنسان في قلب العبث. الوعي التمردي لا يقبل بالمعنى المفروض، بل يصنع حضوره عبر المواجهة، لا عبر الهروب إلى الماضي أو الأنساق المغلقة.

لا يحتاج الوعي الحر إلى الماضي ليبرّر وجوده، بل إلى شجاعة البقاء في اللحظة، والإنصات إلى صمت العالم

مبدأ اللايقين: تأويل وجودي للواقع الفيزيائي

في عام 1927، طرح الفيزيائي فيرنر هايزنبرغ مبدأ اللايقين، مؤكّدًا استحالة معرفة موقع الجسيم وسرعته في آن واحد بدقة مطلقة. وبتعبير أدق: لا يمكن الحديث عن خصائص محددة للجسيم إلا عندما

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2025 أحداث العالم