الذكاء الاصطناعي والطائرات بدون طيار في الحروب الحديثة
واحدة
د فالح الحمــراني انتقل استخدام الذكاء الاصطناعي في النزاعات العسكرية منذ زمن بعيد من الخيال العلمي إلى الحياة اليومية وأصبح مصدر خطر حقيقي وبات في غضون لحظة واحد ة يغير مسار العمليات العسكرية الحديثة وتحليل البيانات الاستخباراتية وحتى اختيار أهداف هجوم واسع النطاق بصورة مستقلة عن تدخل الانسان وأظهرت المواجهة المسلحة الأخيرة بين إسرائيل وامريكا من جهة وإيران من جهة أخرى بوضوح التطور في استخدام الذكاء الاصطناعي والطائرات بدون طيار في النزاعات الحديثة إذ تتمتع الطائرات بدون طيار بمجموعة واسعة من التطبيقات من جمع المعلومات الاستخبارية إلى تدمير الأهداف وتعززها تقنيات الذكاء الاصطناعي في الوقت نفسه ورغم رقمنة الحرب فإن جوهر النزاعات الذي يقوم على الطموحات السياسية والردع الاستراتيجي وتوازن القوى يظل ثابتا فالتكنولوجيا تغير الشكل فقط لا المضمون لقد أحدثت منتجات العصر الرقمي تغيرات عميقة في طبيعة النزاعات الحديثة إذ غدت المسيرات والذكاء الاصطناعي العسكري والعمليات السيبرانية في مقدمة وسائل إدارة الحروب وباتت الدول توظف الاستثمارات بنشاط في هذه التقنيات من أجل تحقيق ميزة استراتيجية لنفسها وتجلت هذه الاتجاهات بوضوح في المواجهة الأخيرة بين إيران وإسرائيل فقد جرى إدخال الذكاء الاصطناعي في أنظمة الأسلحة والاستخبارات والتخطيط العملياتي وشكل الاستخدام المكثف للطائرات بدون طيار تحديا لأنظمة الدفاع الجوي التقليدية وفي الوقت نفسه وعلى هذا النحو تغير التكنولوجيا شكل الصراعات لكن جوهرها الصراع على السلطة والأمن يبقى ثابتا لقد غير التطور التكنولوجي في العصر الرقمي مفهوم الحرب إذ يتزايد استخدام الطائرات بدون طيار والذكاء الاصطناعي العسكري في النزاعات وأصبحت الهجمات الإلكترونية تشكل تهديدا خطيرا على أمن الدول وتستثمر القوات المسلحة للدول بكثافة في أنظمة الذكاء الاصطناعي وعلى وجه الخصوص وقعت وزارة الدفاع الأمريكية في 17 يونيو عقدا بقيمة 200 مليون دولار مع شركة OpenAI وأشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أن إمكانيات استخدام الذكاء الاصطناعي في القتال هائلة وأن الطرف الذي يبدأ بإتقان هذه التقنيات أولا سيحظى بمزايا هائلة في ساحة المعركة وهناك بالفعل أمثلة على استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي في ساحة المعركة لتوفير الدعم المعلوماتي للعمليات العسكرية أو كجزء من أنظمة أسلحة مختلفة بما في ذلك الأنظمة ذاتية التشغيل وحددت مراكز التحليلات العسكرية ثلاثة مجالات تعمل فيها القوات المسلحة على تطوير الذكاء الاصطناعي لاستخدامه في العمليات العسكرية دمج الذكاء الاصطناعي في أنظمة الأسلحة وخاصة أنظمة الأسلحة ذاتية التشغيل تطبيق الذكاء الاصطناعي في العمليات السيبرانية والمعلوماتية أنظمة دعم القرار العسكرية القائمة على الذكاء الاصطناعي وفيما تعد منطقة الشرق الأوسط منطقة تقليدية للغاية بل محافظة أيضا فإن دولها تعمل على اتقان واستعمال التقنيات الرقمية بنشاط بما في ذلك في المجال العسكري وتعد إسرائيل في هذا السياق الدولة الرائدة في استخدام الذكاء الاصطناعي العسكري في المنطقة لكن دولا أخرى بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة وإيران والمملكة العربية السعودية تعمل على اتقان واستيعاب الأدوات الرقمية بنشاط ومن الجدير بالذكر أن أول هجوم إلكتروني والذي كما يعتقد الخبراء تقف وراءه أجهزة الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية نفذ عام ٢٠١٠ تحديدا ضد مفاعل نطنز الإيراني ومحطة بوشهر للطاقة النووية وانحصر العمل على الأرض في النزاع الإيراني الإسرائيلي على تنسيق العمليات الجوية فقط إذ لا يوجد بين البلدين خط جبهة ولم تشارك فيه حاليا أي قوات برية وعزز دور الطائرات المسيرة وأنظمة الذكاء الاصطناعي والمعلومات الاستخبارية التي تدعمها واعدت المخابرات الإسرائيلية العملية في غضون عدة أشهر حيث جمعت معلومات عن القيادة العسكرية وعلماء الذرة بما في ذلك معطيات عن مكان اجتماع حضرتها جميع الشخصيات الرئيسية وأسفرت احدى الغارات عن مقتل قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي وتضمنت العملية مرحلة إنشاء قاعدة سرية للطائرات المسيرة القتالية على الأراضي الإيرانية والتي تعد هدفا صعبا لأنظمة الصواريخ المضادة للطائرات ومن خلال مهاجمة نظام الدفاع الجوي الإيراني بعدد كبير من الطائرات المسيرة منخفضة التكلفة نسبيا استطاعت إسرائيل فتح الطريق أمام طيرانها بدورها ضربت إيران الدفاعات الجوية الإسرائيلية بطائرات مسيرة مزودة بتقنية التخفي وقامت إيران بدورها بشن موجات متعددة من الغارات على إسرائيل وبفضل أساليب وقدرات جديدة اجبرت الدفاعات الجوية للعدوعلى ان تضرب منشآته هناك اتجاه آخر يتمثل في اقتران الهجمات الإلكترونية بضربات الطائرات المسيرة واستخدام الأسلحة عالية الدقة وقد أدى أول هجوم إلكتروني خطير في الجولة الحالية من الصراع بين إسرائيل وإيران إلى تعطيل البنية التحتية لأكبر بنك حكومي وهو بنك سبه وأعلنت مجموعة القراصنة بريداتوري سبارو التي يربطها الخبراء بإسرائيل مسؤوليتها عن الاختراق ويمكن اعتبار هذا بالفعل مظهرا من مظاهر الحرب الهجينة وتساعد التقنيات الرقمية على تعزيز الإمكانات الهجومية للدولة ومجمعها الدفاعي بالإضافة إلى بلوغ مستوى جديد نوعيا من العمل الاستخباراتي ويمكن تنفيذ التأثير عن بعد دون مواجهة مباشرة ولهذا السبب بدأت القيادة الإيرانية بتوخي الحذر وأعلنت حظر استخدام الأجهزة الخلوية المتصلة بشبكة اتصالات مفتوحة نظرا لوجود ما يدعو إلى الاعتقاد بأن أنظمة الاتصالات وتطبيقاتها معرضة للخطر جزئيا أو كليا وقد تكون هدفا سهلا للعدو ومن الضروري الإشارة إلى مفارقة الوضع وهي أن التقنيات الجديدة المستخدمة بنشاط في الصراع لا تلغي بل تؤكد على أهمية أساليب الحرب والمفاوضات التقليدية واليوم تعد الدبلوماسية التقليدية والمفاوضات الدولية مطلوبة بشدة لإنهاء المرحلة الحادة من الصراع وما تزال بعض الدول النافذة تضع الرهانات على الأدوات التقليدية الدبلوماسية والمفاوضات لحل وتسوية النزاعات وكما أظهر مثال العملية الأمريكية في أفغانستان يمكن للتقنيات أن تحقق تفوقا عسكريا لكنها لا تضمن النصر السياسي وتحقيق الأهداف السياسية للعملية العسكرية The post الذكاء الاصطناعي والطائرات بدون طيار في الحروب الحديثة appeared first on جريدة المدى
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على
ورد هذا الخبر في موقع المدى لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا
اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان