الرقم
الرقم
/> ضحى شمس كاتبة وصحافية لبنانية. 27 يونيو 2025 + الخط -في الثالث والعشرين من مارس/ آذار الماضي، تجاوز عدد الشهداء في قطاع غزة حاجز الرقم المدوَّر 50 ألفاً، ليقفز في يونيو/ حزيران الحالي فوق رقم مدوَّر آخر هو 60 ألف شهيد. أما عدد الجرحى الذي تجاوز منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي الحاجز النفسي للرقم المدوَّر 100 ألف، فقد بلغ الأربعاء الماضي 138259 جريحاً، وذلك بحسب إحصاءات وزارة الصحة في غزة.
ما أشدّ حظّ هؤلاء الشهداء! محظوظون لمجرد شمولهم بهذا الإحصاء، تصوروا! فهم احتفظوا بأسمائهم وسجلاتهم العائلية بعد استشهادهم، ولم يكونوا في عداد المفقودين مجهولي الهوية الذين تقدّر وزارة الصحة الفلسطينية عددهم برقم مدوَّر آخر هو 11200 شخص.
أما الجرحى، إن كان مجرد التنفس يُعتبر حياة، فعدد كبير منهم يصح وصفه بالشهيد في غرفة الانتظار، نظراً للظروف العادمة للحياة التي هندستها العقلية الإبادية لإسرائيل: إما عبر تدمير المستشفيات ثم منعهم من الخروج لتلقي العلاج، وإما منع الدواء عنهم، إضافة بالطبع للغذاء والماء.
أرقام وأرقام وأرقام تهطل علينا كل يوم. عدادات شغّالة تشبه تلك التي تُنصَب قبل حدث كبير. لكن خلافها، فهذه تصاعدية، في حين أنّ تلك تناقصية حتى حلول اليوم الموعود جي للحدث.
لا يوم موعوداً لوقف الحرب على غزة، ولكن بالطبع هناك هدف: الإبادة. اليوم الموعود هو يوم صفر فلسطيني على أرضه السليبة.
وبانتظار ذلك، تُنوِّمنا الأرقام. تماماً كما يحصل في التنويم المغناطيسي بالنظر إلى رقاص الساعة المتأرجح برتابة. تفقد الأعداد، من دون وجوه الضحايا والجرحى وقصصهم، معناها. تصبح مجرد أرقام تفوق مقدرتنا على التخيل. هي تؤكد المؤكّد: عاجزون عن إيقاف ساعة الرمل التي يتدفق رملها ببرود ورتابة ولامبالاة.
لا تعني لي الأرقام شيئاً بعد سماعها في المرة الأولى، وإدراكي لعجزي في كل مرة. غضب مشتعل يتحول إلى رماد مع الوقت، فإلى غصة وبكاء، فمرارة واكتئاب لا يفيدان أحداً بشيء، فانصراف إلى اليوميات. وعود على بدء، مع كل رقم جديد، يومياً.
تغرق مأساة غزة
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على