كم مرة سيسجل العالم أنني لاجئة

٧٨ مشاهدة

كم مرّة سيُسجّل العالم أنني لاجئة؟

زوايا

سما حسن

/> سما حسن كاتبة وصحفية فلسطينية مقيمة في غزة، أصدرت ثلاث مجموعات قصصية، ترجمت قصص لها إلى عدة لغات. 25 يونيو 2025 alt="اللجوء"/>

فلسطينية نازحة في مدرسة في خانيونس جنوبي قطاع غزّة (23/6/2025 الأناضول)

+ الخط -

قالت لي ابنتي، وهي ترى ما أفعله يومياً، إنني، باختصار، أعاني مما يُسمّى اضطراب ما بعد الصدمة، ومن الضروري أن ألتقي بأخصائي نفسي يساعدني على تجاوز هذه الأعراض. ولكني لا أُلقي بالاً لما تقول، وأعرف أن ما أمرّ به أعراض لمضاعفات ما مررتُ به سابقاً، وما مرّ به جدّي وأبي وأهلي في غزّة، وأن العلاج لا يكون فردياً على الإطلاق.

لذلك، لا أتوقّف عن الوقوف أمام الخزانة الصغيرة التي أصبحتُ أضع فيها ثيابي ومتعلّقاتي، وذلك كل يوم، وفي أي وقت من النهار، بلا تحديد. أشرع في فتح أبوابها، ثم أُحضِر حقيبة السفر الوحيدة التي أملكها، وأجرّب أن أرصّ أشيائي فيها. فإذا ما تأكّدتُ من أن الحقيبة كافية لتمتلئ بتلك الأشياء، أُعيد كل شيء إلى مكانه داخل الخزانة، ثم أغلقها جيداً، وكأنني آتمنها على سرّ. بعد ذلك، أجلس على حافّة السرير، وأتنهّد بعمق، وأُرسل خيالي نحو أحبّتي وأهلي في غزّة، فأراهم من ثقوب خيامهم في أسوأ حال.

لا أدري كيف تأتي هذه الفكرة فجأة إلى عقلي، فأنفّذها، ولكنّ ذلك يحدُث بلا توقّف.

بعد أن خرجتُ من المقتلة بجسدي، وأصبحتُ في بلاد بعيدة، وتركتُ خلفي كل شيء في غزّة (أمضيت فيها نصف قرن من عمري) اكتشفت، يوم أن تركت بيتي الأول، أن حقيبة واحدة لا تكفي. لكني، اليوم، لا أريد أن أقع في المصيدة للمرة الثانية، فلا أحتفظ إلا بأشياء تملأ حقيبة واحدة فقط، لأني أدركت تماماً أن من هم مثلي، هم بلا مكان... بلا وطن.

أتساءل كثيراً: هل مرّت كل هذه السنوات، منذ 1948، على أجدادنا وآبائنا في غزّة، بمثابة كذبة؟ أم أن الوصول إلى غزّة، من قرى فلسطين ومدنها الواسعة، لم يكن سوى محطّة؟

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2025 أحداث العالم