كم هو حجم القهر في هذه الصورة
الناشط الحقوقي أسعد أبو الخطاب
أقف أمام هذه الصورة كما يقف المؤرخ أمام مشهد سقوط حضارة، أو كما يقف الفيلسوف على أنقاض معنى العدالة.
لا أدري أيهما أثقل: الألم في ملامح الضحايا، أم العار في وجوه المتفرجين.
كم هو حجم القهر في هذه الصورة؟
سؤال يكشف هشاشتنا كعرب، ويفضح صمتنا الذي طال حتى تعفن.
أشاهدها، فتخنقني الكلمات… ليس فقط لأن الألم فيها صارخ، بل لأن الخيانة تبرز من أطرافها بوضوح فاضح. خيانة من باع، ومن صمت، ومن برر، ومن غسل يديه وتوضأ بالدولار.
اللهم إنا نبرأ إليك مما يعمله الأعراب والعملاء العرب.
هؤلاء الذين باعوا قضايا أمتهم، فباتت دماء الأطفال أرخص من نفطهم، وباتت أرضهم مزاداً مفتوحاً لكل غازٍ وطامع.
لم نعد بحاجة لمحللين سياسيين، بل لمرآة نظيفة نواجه بها أنفسنا… فقد أصبح العربي يهرب من ضميره أكثر مما يهرب من عدوه.
أصبح الإعلام يُشوه الحقيقة أكثر مما يكشفها. وأصبحت العروبة مزيجاً من الأغاني الوطنية والخيانات الصامتة.
في هذه الصورة، كل التفاصيل تبكي: نظرة أم، يد طفل، خراب دار، علم مداس، أو حتى سماء صامتة… لكن ما يبكينا أكثر هو هذا الصمت العربي الرهيب، وكأننا نستعذب العار ونتقنه.
نعم، كم هو حجم القهر؟
هو بحجم خيبتنا… هو بحجم السنوات التي صرخنا فيها ثم صمتنا… هو بحجم الأمل الذي دفنّاه تحت رماد العجز.
أعتذر من التاريخ، ومن الشعوب الحرة، ومن الأطفال الذين لم ينالوا حتى حق البكاء.
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على