الهامش ليس قدرا العرب وحضور يصنع لا ينتظر
الهامش ليس قدَراً: العرب وحضور يُصنع لا يُنتظر
/> جلال المحمدي باحث وأكاديمي يمني. 20 يونيو 2025 + الخط -في خضم التحول العالمي المتسارع، تبدو الساحة العربية أقرب إلى المتفرج منها إلى الفاعل، وإلى أرضٍ مشاع تتنازعها المشاريع الإقليمية والدولية، منها إلى قوة تصوغ مصيرها. وبينما تُعاد صياغة النظام الدولي، وتتشكل تحالفات جديدة وتتراجع قوى تقليدية، يقف العرب، في المجمل، خارج لحظة التأسيس، محاصرين بردات فعل متأخرة، وتحالفات اضطرارية، وعجزٍ مزمن عن إنتاج رؤية تتجاوز منطق الدولة القُطرية المحدودة إلى مشروع استراتيجي جامع.
هذا التراجع لا يرتبط فقط بتوازنات القوة، بل يكشف عن غياب الخيال السياسي وتآكل الإرادة، في عالم لم يعد ينتظر من لا يبادر ولا يمتلك مشروعه الخاص. فخلال العقدين الأخيرين، ومع انحسار النفوذ الأميركي التقليدي في الشرق الأوسط، برزت فرص غير مسبوقة للعرب لإعادة تموضعهم، خاصة مع تصاعد أدوار قوى إقليمية كتركيا وإيران، ومناورة إسرائيل بسياسات التطبيع وفرض الأمر الواقع. لكن المنطقة العربية بدت وكأنها تتعامل مع هذه التحولات وكأنها شأن خارجي لا يخصها، تاركة المجال فارغاً لمن يملكه أو يدّعيه.
إن ما تواجهه المنطقة لا يخرج كثيراً عن نماذج تاريخية سبق أن رُصدت في الأدبيات السياسية والفكرية، حيث يبرز دور الفراغ السردي عاملاً حاسماً في انكشاف المجتمعات أمام التأثير الخارجي. لقد بيّن أنطونيو غرامشي، في حديثه عن التحولات الكبرى، أن الأزمة تظهر عندما يموت القديم ولا يستطيع الجديد أن يولد، وتلك بالضبط هي اللحظة العربية الراهنة: لا مشروع قديماً يصلح للبقاء، ولا سردية جديدة وُلدت لتقود. في هذا الفراغ، تنشأ الهويات القلقة، وتُستدعى النزاعات الطائفية بدائلَ مؤقتة، ويُستورد المعنى من الخارج لملء فراغ الداخل.
انقسمت المواقف العربية حول الملفات المركزية، من فلسطين إلى سورية واليمن، وتوزعت الولاءات بين محاور متضادة، لا على أساس مصالح واضحة، بل انطلاقًا من منطق الاحتماء والاصطفاف، بل إن بعض الدول باتت تمارس ما يمكن تسميته بـالاستباق الوقائي، فتلهث خلف اتفاقيات أمنية واقتصادية مشروطة، ظناً منها أن الحماية
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على