روحها المثخنة بالجراح
روحها المثخنة بالجراح
زوايا /> بسمة النسوركاتبة أردنية، تحمل الليسانس في الحقوق، صدر لها ست مجموعات قصصية، وكتبت نصين مسرحيين. تكتب في الصحافة العربية منذ 1990، وتشغل موقع رئيسة تحرير مجلة تايكي المتخصصة بالإبداع النسوي.
10 فبراير 2025 alt="جزء من عمل بلا عنوان لصفوان داحول (سورية)، أكريليك وورق مذهّب على لوح خشبي، 1993"/>(صفوان داحول)
+ الخط -تحاول المواطنة المسكونة بالهم العام أن تفرح من أجل أهل غزّة، ترقبُهم من خلف الشاشة، يقطعون الطريق سيراً على الأقدام المتعبة إلى بيوتهم المهدّمة، يتعالون على أحزانهم برحيل الأحبّة، يتحدّثون بحماسة أمام الكاميرات عن تصميمهم على البقاء في أرضهم، رغم القتل والدمار وضيق ذات اليد، لا يتخلّون عن الأمل بغدٍ أقل سواداً، ويحلمون بخلاصٍ يجعل حياة صغارهم أقل صعوبة.
تتابع لقاءات الأسرى المحرّرين بذويهم بعد سنوات طوال من الأسر في سجون المحتل، تتوقّف عند أحدهم وهو يتذوّق حبّة برتقال بتلذّذ، ويقول، بفرحٍ طفوليٍّ، إنه حُرمَها 17 عاماً، وآخر يشكر زوجته الأصيلة التي فارقها والجنين في بطنها ليلتقيه شابّاً يافعاً مبتهجاً بلقاء والدٍ لم يشاهده عمراً بأكمله إلا من خلف القضبان.
تُحاول من كل قلبها الفرح من أجل أبناء سورية، وهم ينالون الحرية بعد عقودٍ من الظلم والهوان، يملأون الشوارع والميادين، يغنّون ويرقصون ويهتفون ويرفعون أعلام الثورة مردّدين: ارفع راسك فوق... إنت سوري حرّ. تشاهد بعيونٍ دامعةٍ لقطات استقبال العائدين منهم بالعراضات الشامية والزغاريد ودموع الأمهات اللواتي أثقلهن وجع الفقد والغياب، غير أنها تدرك أن الفرح مهارةٌ افتقدها أبناء هذه البلاد المنكوبة الذين طبّعوا مع الحزن والألم والقهر، وتعرف أن الفرح حين يأتينا من باب التغيير يكون منقوصاً مطعّماً بالغصّة التي تستقرّ في الحلق، جرّاء الأعداد الهائلة للقتلى والمفقودين والمصابين بعاهاتٍ دائمةٍ ومجهولي المصير واليتامى المتروكين لمصيرهم الغامض.
تستمع إلى تصريحات ترامب الرعناء، وهو يتحدّث عن امتلاك غزّة وتهجير أهلها بحجّة إعادة إعمارها، يتوهّم نفسه إلهاً وحاكماً بأمره، يعبث بمصائر الشعوب والأفراد على هواه، بجرّة قلم، معبّراً عن تسلط وعنجهية
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على