سوط الذكريات شديد الإيلام
سوط الذكريات شديد الإيلام
زوايا /> بسمة النسوركاتبة أردنية، تحمل الليسانس في الحقوق، صدر لها ست مجموعات قصصية، وكتبت نصين مسرحيين. تكتب في الصحافة العربية منذ 1990، وتشغل موقع رئيسة تحرير مجلة تايكي المتخصصة بالإبداع النسوي.
16 يونيو 2025 alt="(منصور الهبر)"/>(منصور الهبر)
+ الخط -يحدُث أن يستدعيك الماضي البعيد إلى ذكريات مؤلمة، توهّمتَ أنها ذهبت طيَّ النسيان، وأنّك تحرّرتَ منها إلى الأبد، لتكتشف في لحظة صادمة كم كنتَ مخطئاً، حين يستحضرها حلمٌ ضبابيٌّ أو رائحةٌ غامضةٌ، أو حتى كلمةٌ عابرةٌ، وتجد نفسك حزيناً ومظلماً بأثر رجعي. تنهض تلك الرؤى والمشاهد والمواقف والأحداث من بقعة نائية مخزونة في ملفّ منسي داخل روحك، تندلق مثل لعنة تأبى الزوال. تحضر بقوة روحٌ شريرةٌ استعصتْ على طارد أرواح متمرّس، تزاحم تفاصيلها لحظتكَ الراهنة، وتحجُب عنكَ أيّ فرصة للنجاة، وتحيل حياتكَ عتمةً مطلقةً، تشلّ قدرتكَ على المضيّ في حياة لم تخترها أصلاً، كنتَ فيها دائماً الطرف الضعيف في عقد إذعان، وُضع إمضاؤكَ بالموافقة على كل بنوده، ولم يكن لديكَ خيار أن تمزّقه رافضاً شروطه المذلّة المتعسّفة.
يعود الراحلون من موتهم، يغادرون قبورهم، ويقيمون بصفة دائمة داخل رأسكَ المحتشد، يثرثرون بلا انقطاع، ولا تملك أن تسكتهم، أو على الأقلّ أن تخفض أصواتهم التي تشبه دويَّ مفرقعات صاخبة، يتصرّفون باعتبارهم ضحاياك، ينتزعون حقّ تقريعكَ لمجرّد أنهم ماتوا قبلكَ، يصادرون حقّكَ في العتاب، لأن الموت منحهم صكَّ براءة وغفران، يتغذّون من إحساسكَ بالذنب، ويعيثون فساداً في روحكَ الهشّة المعطّلة المشرفة على الهلاك، ولا ينصرفون عنكَ مهما توسّلتَ.
تحاول تجاهل ذلك كلّه، والانخراط في اليومي والعادي والمتكرّر، غير أنّكَ تخفق في كلّ مرّة، وتقعد لكَ نفسكَ اللوّامة بالمرصاد، تحاسبكَ على كلّ شاردة وواردة في ماضيكَ الذي لا تحبّه، وأنت تدرك أنّكَ لم تُسئ إلى أحد كما أسأتَ إلى نفسك، حين سمحت لمن لا يستحقّ باقتحام حياتكَ، وحين أقدمتَ على تصرّفات رعناء، واتّخذتَ قراراتٍ هوجاءَ، واندفعت بحماقة في سلوك تعويضي بائس بحثاً عدمياً متواصلاً، استنفد
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على