وحدة بالإكراه وكأنك تطلب من المخطوف يعشق خاطفه
الناشط الحقوقي أسعد ابو الخطاب
“الوحدة أو الموت”… شعار رفعه بعضهم يومًا وكأنه يطالب الضحية بأن تشكر الجلاد، ويطلب من المخطوف أن يُحب من قيّده وضربه وحرمه من كرامته.
هذا بالضبط ما يحدث عندما يُطلب من الجنوب، بعد كل ما حدث منذ حرب 1994م، وحتى اليوم، أن يعود طائعًا إلى حضن “الوحدة”، وكأن الدماء التي سُفكت كانت سوء تفاهم، أو أن الإقصاء والنهب والاستباحة كانت مجرد مرحلة مؤقتة من سوء الإدارة!
وحدة… أي وحدة؟
فلنكن صريحين: الوحدة التي وُلدت في 1990م، بين شطرَي اليمن لم تكن مشروعًا ملائكيًا، لكنها كانت أملًا شعبيًا لم يلبث أن تم اغتياله بالبندقية بعد أربع سنوات فقط.
منذ 1994م، لم يعد الجنوب شريكًا، بل تحول إلى غنيمة حرب، تُدار بعقلية المنتصر والغالب، ويُفرض عليه واقع “الوطن الواحد” بالسوط والقمع لا بالتوافق.
فمن الذي حوّل الوحدة اليمنية من حلمٍ جميل إلى كابوس ثقيل؟
ومن الذي قرر أن “الوطن المشترك” يُبنى على ركام الشعوب لا بموافقتها؟
الجنوب تغيّر… وأنتم ما زلتم في التسعينات!
من يُنكر اليوم أن الجنوب تغيّر، إما أعمى عن الواقع، أو مستفيد من ماضيه… جيل جديد وُلد بعد 1994م، ولم يرَ من “الوحدة اليمنية” سوى نقاط التفتيش، والتهميش، والحرمان من إدارة شؤونه.
جيل لم يرَ نفسه ممثَّلًا في صنعاء، ولم يشعر يومًا أن تلك العاصمة تتحدث بلسانه أو تحمله في ضميرها.
الجنوب اليوم يطالب بفك الارتباط ليس كما يصوّر بعض المزايدين، بل يطالب بـ”التحرر” من واقع لا يمثل إرادته، ولا يعكس تطلعاته.
يريد دولة تُشبهه، لا سلطة تعيده إلى حظيرة الماضي باسم “الوطن الكبير”.
من يدافع عن “الوحدة اليمنية” يدافع عن ماذا بالضبط؟
الذين ما زالوا يرفعون شعار “الوحدة أو الموت”، لا يتحدثون بلغة العقل ولا لغة السياسة، بل بلغة الخوف من خسارة مكاسبهم.
هم يعرفون أن الجنوب المستقل يعني نهاية النفوذ والامتيازات التي اعتادوها على حساب شعب بأكمله.
بل الأغرب من ذلك، أن بعض أبناء الجنوب أنفسهم تحولوا إلى “سفراء للوحدة القسرية”، ليس
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على