أعياد غزة الغائبة
أعياد غزّة الغائبة
زوايا /> سما حسن كاتبة وصحفية فلسطينية مقيمة في غزة، أصدرت ثلاث مجموعات قصصية، ترجمت قصص لها إلى عدة لغات. 11 يونيو 2025 alt="العيد في غزة"/>فلسطينية تزور قبور أقربائها في عيد الأضحى في مخيم النصيرات جنوب غزّة (6/6/2025 فرانس برس)
+ الخط -صباح يوم العيد الفائت، كنتُ أتساءل: كيف مرّت أربعة أعياد على غزّة من دون أن تتوقّف في سمائها وأرضها؟ كيف هبّت ريحٌ بنسمات باردة في مكانٍ ما على وجه السرعة، حتى إنك تشعر بها لوهلةٍ ثم تختفي، وتتركك متلهّفاً ومشتاقاً لذلك الشعور الذي لا يُوصَف؟
أما بعد شروق الشمس، وحيث تعالت أصوات الاحتفال بالعيد من المساجد المحيطة بي في القاهرة، فكنتُ أستقبل مكالمات من أهلي في غزّة، حيث قرّروا أن يُقدّموا لي التهنئة الصوتيّة، بعد أن خطّطوا وكافحوا للحصول على شبكة إنترنت صالحة للاتصال، وقد كلّفهم ذلك جهداً ومالاً، كي لا يقطعوا عادةً طالما جَرَوا عليها، حيث يُقدّم الأشقاء التهاني بالعيد لأخواتهم، ويطرقون أبواب بيوتهنّ في وقتٍ مبكرٍ من صباح أول أيام العيد.
استغربتُ كيف امتلكوا القوة، وواتتهم الشجاعة، رغم كلّ ما يمرّون به من ظروفٍ قاهرة، ليهاتفوني، ويُصرّ صغارهم على إرسال التهاني والأمنيات لي، بصفتي العمّة التي تكبُر الأب، والتي تحتلّ مكانة الجدة احتراماً وتقديراً عند غيابها. ولذلك، لم تتوقّف تلك العادة الجميلة في غزّة، المتمسّكة بأنبل العادات والتقاليد، والتي لا تكفّ عن تأصيل العلاقات الأسرية وتوثيقها، فحين تُخاطب زوجة الابن أمّ زوجها بكنية يا عمّتي، تفعل الأمر نفسه مع أخت الزوج الكبرى، ولا تُقلّل من احترامها أو تقديرها، فكيف فعلوا ذلك، وهم الجوعى المنهكون، القابعون في ظلال خيامٍ بالية، وقد طالت بهم أيّام المطحنة، فنهشت أرواحهم، ونالت كثيراً من إنسانيّتهم؟
غزة، المُبهرة، أو المعجزة، لا تتوقّف عن إبهارك، حتى حين تغيب أعيادها. فعلى مدار ما يقرب من عامين، مرّت بها أربعة مواسم كانت تحمل كلّ معالم الحياة، وكان الناس البسطاء هناك يستعدّون لها قبل حلولها بأيامٍ وأيام، ويستمرّون في
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على