الحراثة التقليدية في عسير تراث متجدد يعكس هوية الأرض والإنسان

رغم التطور الكبير في أدوات ومعدات الزراعة الحديثة، ما تزال منطقة عسير تحتفظ بجزء أصيل من تراثها الزراعي العريق، حيث يواصل المزارعون استخدام الأبقار في حرث مزارعهم، مستعينين بالأدوات التقليدية المصنوعة من مكونات طبيعية توارثوها عن آبائهم وأجدادهم، في مشهد يجمع بين عبق الماضي وأصالة الحاضر.
ويحرص مزارعو عسير في مواسم محددة من السنة على تهوية مزارعهم وتقليب التربة، سواء بالآلات الحديثة أو بالأدوات التقليدية باستخدام المحراث الخشبي، وذلك للمحافظة على جودة التربة وتهيئتها للموسم الزراعي المقبل، لا سيما في المدرجات الزراعية التي لا تصلها الآلات الحديثة بسبب وعورة التضاريس أو عدم توفر طرق مناسبة.
وخلال جولة لـواس في المنطقة، التقت بعدد من المتخصصين والمزارعين الذين أوضحوا أن حرث المزارع يتم في أوقات محددة من السنة، ويعتمد على أنواء الحرث المتعارف عليها في المنطقة.
وبيّن الباحث في علوم التراث والآثار والمهتم بالتقويم الزراعي الدكتور عبدالله بن علي آل موسى أن هذه التقسيمات الموسمية مستمدة من حركة النجوم وتغيرات الطقس، وتُستخدم لتحديد مواعيد الزراعة والحرث، مثل نوء الذراعين لبداية موسم الزراعة الربيعية، ونوء الثريا لزراعة الذرة والدخن، ونوء الهنعة لحرث الأراضي قبل الخريف.
ويقول المزارع مسفر القحطاني، الذي يواصل حرث مزارعه باستخدام الأبقار وأدوات الأجداد: نتابع الأنواء ونتعلم من كبار السن، ونعرف متى نحرث الأرض ومتى نريحها. الزراعة القديمة ليست مجرد طريقة عمل، بل أسلوب حياة نحترم فيه الأرض ونفهم متى تعطينا ومتى ترتاح.
ويشرح المزارع عبدالكريم الشهري طريقة الحرث بالأبقار، حيث يتم ربط ثورين باستخدام أداة خشبية تُسمى النِّير، وتُثبت السكة – وهي قطعة حديدية ذات نصل حاد – في مؤخرة محراث خشبي لشقّ التربة. ويُستخدم المحراث المصنوع غالبًا من خشب السدر أو العرعر، والمدرّة لتوجيه السكة، أما الرباع أو الضماد فهي أداة لتثبيت الثيران وضبط المسافة بينهما.
من جهته، يوضح المزارع عبدالله عبدالرحمن الأسمري أن عملية الحراثة التقليدية تتطلب تعاونًا بين فلاحَين: الأول لضبط المحراث في الأرض، والثاني لنثر البذور، ويُطلق
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على