الملك محمد السادس يؤكد تبني استراتيجية تفعيل مؤسسات العقد الاجتماعي
في البداية، وجب التأكيد على أن مفهوم الديمقراطية اليوم لم يعد يعتمد فقط على المجال الصرف والمشروع للسياسة الحزبية والتي تعتمد على التعبير الصحي والمفتوح للخلافات والمصالح وتناقض الآراء واللايقين بالنسبة للمستقبل؛ بل إن تدبير المجتمعات الحديثة صار يتطلب كذلك العمل على الاعتراف بضرورة الاعتماد على سياسة للحياد التي من المفروض أن تؤطر مختلف جوانب “العقد الاجتماعي” في اختلافها مع ما يطلق عليه “العقد الأغلبي”. لهذا، عملت مجموعة من التجارب الدولية اليوم على إنشاء نوعين من التمثيليات: التمثيلية السياسية والتمثيلية المحايدة.
التعيينات الملكية الأخيرة، التي همت المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ومؤسسة الوسيط والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، كان يعني أن المؤسسة الملكية بالمغرب كانت تعي جيدا بأنه مطلوب منها ليس فقط العمل على تفعيل وبث الروح في مؤسسات العقد الأغلبي من خلال التعديل الحكومي الأخير؛ بل ومطلوب منها كذلك العمل على بث دماء جديدة في مؤسسات العقد الاجتماعي (هي المؤسسات التي أطلق عليها المشرع الدستوري المغربي مؤسسات وهيئات حماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة والتنمية البشرية والمستدامة والديمقراطية التشاركية وكذلك المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي).
صعود نجم ديمقراطية الشفافية
يشهد الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي المغربي اليوم صعود الإيديولوجية التي يطلق عليها إيديولوجية الشفافية والتي صارت اليوم تزاحم إيديولوجية الديمقراطية. صعود نجم إيديولوجية الشفافية كان يتطلب من العقل الرسمي المغربي إعطاء نَفَسٍ جديد ودماء جديدة من داخل مربع “العقد الاجتماعي”، أي من داخل مربع مؤسسات الحياد ومؤسسات الإجماع ومؤسسات التمثيلية المشتركة (تمثيلية العقد الاجتماعي وتمثيلية العقد الأغلبي)؛ وهي المؤسسات التي أطلق عليها المشرع الدستوري المغربي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أو من خلال مؤسسات وهيئات حماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة والتنمية البشرية والمستدامة والديمقراطية التشاركية وهيئات حماية حقوق الإنسان والنهوض بها، خصوصا أن مؤسسات “العقد الأغلبي” وقفت عاجزة عن التبرير والتوضيح والتفسير وعن اتخاذ الإجراءات التي تتطلبها استراتيجية إقناع أنصار إيديولوجية الشفافية. استراتيجية العجز عن الفعل ترسخت كذلك من خلال تعبير مكونين أساسيين في الائتلاف الحكومي عن طموحهما في رئاسة الحكومة المقبلة.
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على