دمشق طريق منحدر إلى طبقات الجحيم
دمشق... طريق منحدر إلى طبقات الجحيم
نصوصسمر يزبك
/> سمر يزبك كاتبة وروائية وإعلامية سورية 23 يناير 2025 من سوق الحميدية في دمشق، 18 كانون الثاني/ يناير 2025 (Getty) + الخط -قبل الوصول إلى دمشق، كان علينا أن نمرّ عبر بيروت، إذ إنّ مطار دمشق الدولي مُغلق، ولم أعد أحتمل الانتظار! تلك الحيرة التي رافقتنا طوال السنين الماضية، نبحث عن وطنٍ ينتمي إلينا ولا نجد سوى الغربة. في السيارة من بيروت، أسمع صوت الدرون، ذلك الدرون الإسرائيلي المألوف لأهالي بيروت والغزّيين على حدّ سواء. حاولت رؤيته، لكنّه ظلّ غير مرئي، وكأنه ظلّ يرافقنا حتّى غادرنا بيروت.
عند الحدود، في منطقة المصنع، بدأ الصقيع يتسلل إلى أطرافي. كنت أترقب الفرح، لكنني شعرت بانقباضٍ رهيب. لا أحمل أي إثباتٍ أو وثيقة تؤكد أنني سوريّة، لكن هذا لم يكن عائقًا أمام الشاب اللطيف خلف المكتب. عندما رأى اسمي على شاشة الكمبيوتر، ابتسم وقال لي: أنتِ على راسي. للحظة، شعرت بأنّ الأسد قد سقط، ثم راودتني أفكار عن احتمال اعتقالي. قال لي الشاب ممازحًا إنني مطلوبة لخمسة أفرع أمن، لكنه أكمل ضاحكًا، وبضحكته وجدت نفسي فجأة داخل سورية.
السماء الزرقاء كانت واسعة، والغيوم بيضاء ناصعة. الطريق الملتفّ بين الهضاب ينحدر ويتلوّى نحو العاصمة. آثار السيارات المحترقة وبقايا الحواجز الأمنية لا تزال تروي قصصًا من الألم والرعب. حاجز الفرقة الرابعة يلوح لنا في الطريق، ثم آخر وآخر...
تمشي في سورية وكأنّك تعبر عبر سورياتٍ متعدّدة
أنظر إلى المكان وأسأل نفسي: لماذا عدتُ؟ ولا أعرف الجواب. لا أطيق اللغة وتعبيراتها البكماء في مثل هذه الحالات. شباب الهيئة الذين ينتشرون على الحواجز يبدون متعبين، ولكنهم قادرون على الملاطفة والكياسة. نرفع أيدينا بالسلام، فيردّون التحية بفخر. يبدون مثقلين بالهموم.
لا أعرف كيف أُبهج نفسي أو أفرح، وأنا أراقب الطرقات والآليات العسكرية المدمرة، والسيارات المدنية والعسكرية. الطريق المنحدر يبدو صحراويًا. أحاول تذكّر طريق بيروت - دمشق كيف كان، ولا أفلح. في رأسي فراغٌ كامل.
ثم ندخل دمشق.
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على